بقلم : د.جاسم سلطان

 
في المجتمعات التي تتوفر فيها الحريات بقدر معقول توجد الفرص للمبدعين الذين يتغلبون على عناصر الإحباط، ويقررون الاستفادة من نعمة الحرية. تلك حقيقة بسيطة نغفل عنها في خضم التفكير في الفارق بين الواقع والأحلام. حين ينفك القيد يبرز معدن الإنسان الأصيل، أهو من الذهب سرعان ما يلمع، أم أنه ذهب مُقلّد سرعان ما ينكشف زيفه.
 
 
والشباب في العالم العربي كانوا وقود ثورات عملاقة وضعت المنطقة العربية على مفترق طرق بين الحداثة والعودة للقديم. فالعودة للقديم قائمة وواردة باستمرار، ما لم تكن قوى الثورة الشبابية حاضرة في المشهد وشعارها " نحن نمتلك نفساً طويلا لا يُقهر" فقوى الردّة تعتمد على أنها الأطول نفسا وقدرة على إعادة عقارب الساعة للوراء، وبدون وعي مكافئ من قوى التقدم لن يتم النجاح.
 
الفقر والجهل والمرض والحروب هي أمهات المشاكل التي تعاني منها مجتمعات العالم الثالث، ولكن نظرة واحدة لعمق المشكلة سنجد إنسان المجتمع وفاعليته، ووظيفة الثورة هي إعادة فاعلية إنسان المجتمع وتنظيم حركته، وتزويده بالوعي اللازم لينهض بالبلد ويعين مجتمعه.
 
ومهمة إنتاج الوعي مهمة معقدة، فإنسان المجتمع في بلادنا مصاب بعقدتين كبيرتين،
 
أولها: أن جانب المطالب عنده أعلى بكثير من جانب الشعور بالواجب واحتياجات العطاء في اللحظة.
 
 والثانية: عقدة الانتظار لحصائد السياسة، وأن تقوم بالمهمة في توفير متطلباته كلها دون جهد منه.
 
وهنا عقدة الموقف التي تحتاج قوى الثورة الشبابية أن تركز عليها  عبر مبادارات المجتمع المدني، هنا تظهر عبقرية قطف ثمار الثورة وتعزيزها. فالسؤال المطروح على القوى الشبابية: كيف يمكن تحويل قوى الاحتجاج لقوى الفاعلية البنائية؟ كيف يمكن فتح أفق للفعل التراكمي داخل المجتمع يغير مستقبل المنطقة ويحوله لمرحلة الإقلاع ؟ كيف يتحول إنسان المجتمع البسيط لقوة اقتلاع لعناصر الأمراض الاجتماعية الكبرى المُؤسسة لدوامة الفقر والجهل والمرض والحروب؟
 
 
إن الحل هو في إنشاء شبكة ضخمة تقوم بتأهيل المجتمع مرّة أخرى لتتحول لقوة دفع في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع، وذلك يعني التالي:
 
1. بروز أحزاب القضايا بالإضافة للأحزاب التقليدية، تستمد وعيها من حركة الخضر، لتأهيل البلاد وعيا وتشريعا لمعالجة القضايا الكبرى المرعبة.
 
 
2. تطوير حواضن التنشئة، وأولها الأمهات، ومؤسسات أمهات تحالف الثورة، واللاتي ينشئن وعيا مكافئا لتربية إنسان الفاعلية بحيث يصبح المنزل هو مكان التربية والتعليم الحقيقي، تستمد من تجربة الأُمّة اليابانية نموذجا.
 
 
3. تطوير الأندية والمراكز الشبابية، وتحريرها من الروتين لتطلع بدور قيادي في إنتاج صغار الثورة لمشروع التقدم الاجتماعي.
 
 
4. تنظيم فعاليات الشوارع للتذكير بواجبات إنتاج المجتمع الجديد من الأعمال والفعاليات المنتظمة.
 
 
5. تكوين مراكز إنتاج المادة الناشرة للوعي والفكر، واستقطاب الأدباء والكتاب والمفكرين، لإنتاج حركة تنوير كبرى.
 
 
 
6. تكوين مراكز فنية لتبسيط الأفكار ونشرها بين الجماهير عبر الإبداع الفني بمختلف أشكاله وصوره.
 
 
 
7. تكوين مراكز الإحصاء والبحوث والتنبيه والرقابة.
 
 
 
8. تنظيم المجتمع المدني وتنويره في شكل مؤسسات المرأة والعمّال والمُعلّمين، وتفعيل ما هو قائم منها بحسب احتياجات الوعي بالواجبات.
 
 
 
9. إنشاء مراكز حلم المحافظات ، وكيف تجد كل محافظة صورتها المستقبلية .
 
 
 
إن الثورة هي تحرير ممكنات الإنسان قبل أي شيء، وقد حان وقتها الحقيقي.