تتنوع الرياضات التقليدية والتراثية في دول الخليج، رغم التطور الحضاري والعمراني الذي تشهده؛ وفي مقدمتها سباقات "الهجن".

وتنظم سنوياً في في مختلف دول الخليج سباقات الهجن، التي يتنافس فيها مواطنو الدول الخليجية المختلفة، وتخظى باهتمام ومشاركة المسؤولين.

وفي كل دولة خليجية مؤسسة خاصة تهتم بهذا الأمر، ففي قطر هناك "اللجنة القطرية المنظمة لسباق الهجن" ؛ وفي الإمارات "اتحاد سباقات الهجن"، وفي سلطنة عًمان "الإتحاد العماني لسباقات الهجن".

وفي السعودية "الاتحاد السعودي للهجن"، وفي الكويت "نادي الكويت لسباقات الهجن".

ورغم تغير طبيعة الحياة بدول الخليج إلا هناك اهتمام بتراثهم وارتباطهم بماضيهم، فما زالوا مرتبطين بالإبل ورياضته والتى تمثل بالنسبة لهم تراثأً أصيلاً ورابطًاً بالماضى.

إلى جانب العلاقة التاريخية التي تربط دول الخليج بالإبل؛ حيث ظروف البيئة الصحراوية، فكانت الإبل، قديماً، أفضل وسائل النقل فيها.

كما أنها كانت في أيام العرب الأوائل مصدراً للرزق، ومظهراً للثراء، حتى أنها كانت مَهراً للعروس، ودية عن القتيل، وجائزة للفائزين وأطلق عليها من قبلهم "سفينة الصحراء".

إضافة إلى أنها ذكرت في أدبياتهم وأشعارهم وتاريخهم ووصفها بالجمال وتشبيه النساء بها.

وتستطيع الإبل أن تعرف صاحبها من مسافات بعيدة وتعدو نحوه مطلقة صوتها المعتاد الذي أشبه ما يكون بعبارات ترحيبية، وتقترب منه وتحك رأسها بجسمه وتشتم رائحته.

بل إن الإبل تصدر أصوات "الرغاء" وهو البكاء وتذرف الدموع عندما تفقد صاحبها، وتصل إلى درجة الإضراب عن الأكل والشرب حتى النفوق، في حال فقدت من تحبه، وهي صفات قلما تتوفر في حيوان آخر.

ويقول عبد الله هاشمي (قطري) أحد المهتمين برياضة سباق الهجن، إن متابعة رياضة الآباء والأجداد بالنسبة لنا شيء مهم ونفرغ وقتا كبيرة لذلك حيث تملؤها التنافس والإثارة وتقام سنويا عشرات السباقات.

واشار إلى أن "أسعار الهجن المشاركة في السباقات ترتفع حسب قوة الابل، وتأخذ فترة ما التعود على صاحبها."

وتابع "حيث يربط بين الهجن وصاحبها علاقة قوية وخاصة أثناء السباق حيث تسمعه وتنفذ نا يقول."

وقال ايضا "انتشار هذه الرياضات بالخليج هو احياء التراث الآباء والأجداد وارتباط بالماضي الحقيقي لنا كخليجين والتي هي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليوم."


** تاريخ رياضة "الهجن"

وأعدت دول الخليج ساحات متخصصة لإقامة تلك السباقات؛ أبرزها "ساحة الشيحانية" بقطر حيث تملك إمكانات كبيرة لترويض الهجن وإقامة السباقات بشكل مناسب سنوياً، إضافة إلى إضاءة المضمار (مكان السباق) بشكل كامل ليلاً.

وأقيمت أول مسابقة هجن في قطر عام 1973م، وشارك فيها 300 من الهجن.

وتنظم سباقات الهجن في دول الخليج بشكل دائم ومنتظم، وتقدم فيها جوائز كبرى بهدف تشجيع ملاك الإبل على الحفاظ على هذا التراث.

ولا تهتم هذه السباقات بسرعة الجمال وسلالتها فقط، وإنما تهتم بجمالها والعناية بها.

ويطلق على "الهجانة" وهم القادرين على ترويض الإبل والتعامل معهم.

وتعد سباقات الهجن تحفيزاً على تربية الإبل وحمايتها من الانقراض نظراً لقيمة الجوائز التي ينالها المتسابقون خلال السباقات.

** أنواع هجن السباق

وهناك أنواع من هجن السباق المنتشرة في الخليج؛ أولها "الهجن العمانية" وتتميز بالسرعة، والنوع الثاني "الهجن السودانية"، وتتميز بخفة الحركة والسرعة، أما النوع الثالث فهو (هجن الجزيرة العربية) وتتميز بقوة جسدها، وقدرتها على التحمل.

وتستطيع الإبل أن تقطع من المسافات ما يراوح بين 20 إلى 30 ميلاً يومياً، وتتميز إبل السباق عن غيرها بصفات تعطيها أفضلية في السرعة.

ومن أبرز تلك الصفات اللازمة للسباق، رشاقة القوام، وطول القامة، ونحافة الجسم، وطول الأرجل، وخاصة الخلفية، إضافة إلى خفة وزن وصغر الخف مقارنة بحجم الجسم، كما تمتاز بطول الرقبة وصغر الأنف.

** قواعد للسباق

وبحكم أنها رياضة معتمدة في دول الخليج فلهذه السباقات قواعد وقوانين يعرفها المالك وتروض الناقة عليها؛ من خلال أشواط وتصفيات.

ومن قواعد السباق أيضاً، مبدأ التكافؤ في الأنواع والأعمار، حيث يكون هناك أشواط مستقلة لفئة النوق وأخرى للجمال، ويجب أن تتساوى الأعمار لتتساوى الفرص بين المتسابقين وتحقيق العدالة.

وتتشابه ميادين السباقات الخاصة بالهجن ميادين سباقات الخيول إلى حد كبير، وعادة ما تكون ميادين الهجن بيضاوية الشكل أو دائرية.

وتتراوح أطوال السباق من 8 كلم وتصل إلى 22 كلم، ويجهز الميدان بأجهزة متابعة متطورة ودقيقة تثبت عند خط النهاية أمام المنصة الرئيسية لتصوير الهجن في اللحظات الحاسمة وتحديد الفائز بالسباق الذي غالباً لا يتعدى دورة واحدة.

** سباقات سنوية عديدة

في قطر يكثر عدد السباقات السنوية للهجن ويتم تغطيتها كاملة على تلفزيون الدولة يصل عددها إلى 12 سباقاً سنوياً.

بينما تقيم سلطنة عُمان 9 سباقات بمواسم ومدن متعددة؛ وتُقيم الإمارات 7 سباقات في العام، فيما تقيم السعودية 5 سباق سنوياً؛ وفي البحرين ٥ سباقات؛ والكويت ما يقرب من 7 سباقات.

إضافة إلى بطولة الخليج، التي تنطلق على مستوى دول الخليج كلها والتي تقوم عليها اللجنة التنظيمية لدول مجلس التعاون الخليجي لسباقات الهجن ويطلق عليها "بطولة كأس الخليج لسباقات الهجن."

وغالباً من تحمل تلك السباقات اسماء أمراء وملوك دول الخليج.

** المزاين (مهرجانات أجمل الهجن)

وتسمى مهرجانات الجمال تلك بـ"المزاين"، وتحمل معايير خاصة للجمال على الناقة أن تتمتع بها؛ لتتمكن من الولوج إلى المنافسة الشديدة مع الجميلات من صنفها.

وتفوز من تحمل أجمل وأبرز هذه المعايير الجمالية الدقيقة التي تشمل الطول والرشاقة وشكل العين ورسم الأنف وشكل الأذن وطول الرقبة وارتفاع الصدر، وحجم السنام، ومسافة الفم وعرضه، وغيرها من المواصفات القياسية للجمال.