قال معهد كوينسي للحكم الرشيد، إنه من غير المرجح أن تتحقق آمال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عقد قمة بين رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو وقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي إما في القاهرة أو واشنطن في نهاية هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل.
وأضاف أن جوهر القمة المقترحة يتمحور حول التوسع المربح في صادرات الغاز الطبيعي بقيمة تُقدر بنحو 35 مليار دولار، حيث من المقرر أن تضخ هذه الصفقة الضخمة 4 مليارات متر مكعب إضافية سنويًا إلى مصر حتى عام 2040.
وكان نتنياهو أعلن الأربعاء الماضي، موافقته النهائية على الاتفاقية. وأشاد نتنياهو، برفقة وزير الطاقة إيلي كوهين على الاتفاقية، واصفًا إياها بأنها مكسب تاريخي من شأنه ترسيخ مكانة "إسرائيل" كقوة إقليمية عظمى في مجال الطاقة.
ووافقت مصر ضمنيًا على بنود الاتفاقية في يوليو الماضي، وسارعت إلى التقليل من شأنها بعد إعلان نتنياهو، مشيرة إلى أنها اتفاقية تجارية بحتة، خالية من أي أبعاد أو تفاهمات سياسية.
القمة الثلاثية
وتابع التقرير: "في الخفاء، كانت الولايات المتحدة حريصة على استغلال زخم الاتفاق لعقد قمة ثلاثية، حيث يُقال إن جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، يتولى زمام المبادرة. ويهدف هذا الاحتفال إلى أن يكون بمثابة جولة انتصار لنتنياهو، وبرهانًا على أن مكانة إسرائيل الإقليمية ما زالت راسخة رغم عامين من الحرب الضارية في غزة".
ورأى أن توقيت الإعلان عن الموافقة على الاتفاقية يوز الأربعاء كان دالاً، "فلم يكن هناك حفل استقبال في حديقة الورود، ولا مصافحة في شرم الشيخ".
ووفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أوضح مسؤول مصري قبل أيام أن السيسي لن يلتقي نتنياهو إلا بعد تغيير جذري في سلوك "إسرائيل". وقد أعطى محمود مسلم، عضو مجلس الشيوخ المصري، هذا الرفض طابعًا علنياً، مشيرًا إلى أن العلاقات "سيئة" وأن عقد قمة "مستحيل".
غير أن التقرير اعتبر أن هذا الوضع لا يُعدّ مفاجئًا. فبينما تتدفق كميات كبيرة من الغاز من حقلي تمار وليفياثان "الإسرائيليين" إلى مصر، مما يُسهم في استقرار أمنها الهش في مجال الطاقة، تقع أنقاض غزة المدمرة بينهما. وقد حوّل هذا الصراع معاهدة السلام لعام 1979، التي لطالما كانت ركيزة أساسية لاستقرار الشرق الأوسط، إلى اختبار حقيقي لمدى هشاشة السلام القائم على المصالح المتبادلة بين القوتين الإقليميتين.
وذكر أن المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم كوهين مارسوا لعبة حافة الهاوية الفوضوية خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ تراجعوا عن توقيع اتفاقية الغاز وشككوا علنًا في عدالة بنودها التجارية، مما دفع وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت إلى إلغاء زيارته إلى "إسرائيل" في أكتوبر على عجل.
رفض اعتماد السفير "الإسرائيلي"
لكنه رأى أن الخلاف التجاري لم يكن سوى عرضٍ لعلاقةٍ وصلت إلى أدنى مستوياتها. إذ ترفض القاهرة اعتماد السفير "الإسرائيلي" المُعيّن، ما جعل سفارتها بلا رئيسٍ طوال معظم العام الماضي. وانقطعت الاتصالات المباشرة بين القصر الرئاسي ومكتب رئيس الوزراء. ولم يبقَ سوى استياءٍ متبادلٍ صامت.
وقال المسؤول وفق تقرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل": "السيسي يرفض أن يكون مجرد أداة في مسرحية نتنياهو للبقاء السياسي".
واعتبر التقرير أن "موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي محفوف بالمخاطر. ففي غزة، لم يتحقق بعد "النصر الكامل" الذي وعد به، بل زاد الأمر من عزلة البلاد دبلوماسيًا. أما في المحاكم المحلية، فيواجه اتهامات قديمة بالرشوة والفساد، والتي دفعته مؤخرًا إلى اتخاذ خطوة استثنائية بالتقدم بطلب عفو قبل صدور الحكم من الرئيس إسحاق هرتسوج، مُبررًا طلبه بالحصانة القانونية بأن "الواقع الأمني" و"المصلحة الوطنية" يبرران هذا الطلب".
عام الانتخابات
وأوضح أن في ظل هذه الضغوط، ومع دخول "إسرائيل" عام الانتخابات، يحتاج نتنياهو إلى الظهور بمظهر رجل الدولة. لكن "السيسي" لا ينوي تصوير نفسه كطرفٍ ثانوي يُضفي الشرعية على المُتسبب الرئيس في الدمار الذي يحدث على عتبة داره.
على الحدود بين مصر وغزة، يقول التقرير إن "إسرائيل" تطالب بفتح معبر رفح في اتجاه واحد فقط، للخروج، رافضةً دخول الفلسطينيين أو عودتهم. وترفض مصر ذلك، معتبرةً إياه محاولة أخرى لتهجير سكان غزة.
وأبدى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي موقفًا حازمًا حيال هذه القضية، متهماً إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية"، ومؤكدًا أن إسرائيل تسعى إلى إحداث تغيير ديموغرافي لن تقبله مصر.
في المقابل، يتهم مسؤولون "إسرائيليون" مصر بالتغاضي عن تهريب الأسلحة، محملين القاهرة مسؤولية صمود "حماس".
https://responsiblestatecraft.org/israel-egypt-gas-deal/

