قال موقع "أناليتيكا توداي" الإثيوبي، إن مصر قد تطلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغط على إثيوبيا للقبول بـ "التعاون المشترك" فيما يتعلق بسد النهضة، بمشاركة خبراء من جميع دول حوض النيل الإحدى عشرة والاتحاد الأفريقي. 

 

وأشار إلى أن القاهرة تريد دعم الولايات المتحدة لمعاهدة تمنع دول حوض النيل من بناء السدود دون "تشاور"، الأمر الذي رأى أنه لا يتعلق بالتعاون، بل بالسيطرة.

 

وأبدى الموقع تهكمه من المقترح المصري، وطرق تطبيقه عمليًا، متسائلاً: "عندما تتطلب التوربينات اتخاذ قرارات تشغيلية فورية، هل نتصل بالعواصم الإحدى عشرة؟، عندما يتهدد استقرار الشبكة، هل ينتظر المهندسون قرارات اللجان؟، عندما يتعين اتخاذ قرارات سلامة السدود في غضون دقائق، هل يتوقف المشغلون مؤقتًا للحصول على "إجماع الحوض"؟.


وتابع: "هذا ليس هندسة. إنه تحكم سياسي متنكر في زي المختبر"، معتبرًا أن "سد النهضة ليس كيانًا إقليميًا مجردًا معزولًا، بل هو بناءٌ ماديٌّ داخل إثيوبيا. صُمِّمَ لخدمة التنمية الإثيوبية، ومُوِّلَ من قِبَل المواطنين الإثيوبيين، وبُنيَ بتضحياتٍ وطنية". 

 

العمل المشترك

 

ومضى في رده على التصريحات المصرية بشأن "العمل المشترك" مع إثيويبا، واصفًا إياه بأنه "ليس مصطلحًا تقنيًا، بل هو مصطلحٌ إداريٌّ. قائلاً: "لا معنى للعمل المشترك إلا بوجود ملكية مشتركة. المشاريع المشتركة الحقيقية تقوم على تقاسم الأطراف للتكاليف والمخاطر والمسؤوليات والمنافع. سد النهضة لا يستوفي هذا الشرط، فقد تحملت إثيوبيا العبء وحدها".

 

مع ذلك، رأى أن "مقترح المعاهدة أكثر خطورة"، مشيرًا إلى أن "قاعدة منع دول حوض النيل من بناء السدود دون "تشاور" لا تُعدّ تعاونًا، بل هي نظام ترخيص شامل للحوض، وحق نقض شامل له. فهي تُجمّد التنمية في أعالي النهر، بينما تُرسّخ امتيازات المصب إلى أجل غير مسمى".

 

واعتبر الموقع الإثيوبي أنه "ليست هذه هي الطريقة التي تُدار بها الأنهار الدولية في القرن الحادي والعشرين"، إذ رأى أنه "لا يمنح أي نظام نهري في أي مكان دولة أو دولتين في المصب الحق في الموافقة المسبقة على مشاريع التنمية في المنبع إلى الأبد". 

 

ووصف هذا المنطق بأنه "ينتمي إلى الحقبة الاستعمارية، وليس إلى القانون الدولي الحديث"، مقرًا بحقيقة وجود مخاوف لدى مصر بشأن الأمن المائي، وكذلك السودان، وإثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندي، وجنوب السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وعلق قائلاً: "القلق أمر عالمي، أما الحق فليس كذلك".

 

واستطرد: "لا يمنح الاهتمام ملكية البنية التحتية لدولة أخرى. ولا يبرر الاهتمام إحالة النزاعات الأفريقية إلى واشنطن. ولا يحوّل الاهتمام التفاوض إلى إكراه". 

 

قطاع النفط والغاز

 

ورأى أنه "تكمن المشكلة الأعمق في العقلية. لا تزال القاهرة تتعامل مع تطوير قطاع النفط والغاز كتهديد يجب تحييده، لا كواقع يجب إدارته. وتعتبر التشاور بمثابة موافقة، والتعاون بمثابة امتثال". 

 

لكنه أكد أن هذا النهج فشل مرارًا وتكرارًا، ومع ذلك تعود إليه في كل مرة بوسيط مختلف، وفي كل مرة بنفس المطالب. إذا أرادت مصر تعاونًا حقيقيًا، فعليها أن تتصرف كشريك طبيعي في حوض نهر النيل.

 

فيما وصف موقف إثيوبيا بأنه "على النقيض من ذلك، فيمكن أن يكون ثابتًا وناضجاً في الوقت نفسه"، المتمثل في الشفافية وتبادل البيانات المنظم، والتنسيق بخصوص سلامة السدود وبروتوكولات الاتصال في حالات الطوارئ، والتخفيف من آثار الجفاف استنادًا إلى علم المياه، لا الخوف، والتيسير بقيادة الاتحاد الأفريقي المتجذر في الملكية الإقليمية.

 

في المقابل أكد أنه "لا للتشغيل المشترك لسد إثيوبي ذي سيادة. لا لأي معاهدة تقيّد التنمية في أعالي النهر بشكل دائم. لا للضغوط المستوردة المتخفية في ثوب الشراكة".

 

السيادة على نهر النيل

 

وفيما أقر بحقيقة كون نهر النيل نهرًا مشتركًا، لكنه رأى أن "هذا لا يعني سيادة مشتركة، ولا يعني سيطرة مشتركة على البنية التحتية الوطنية، وبالتأكيد لا يعني أن حقوق التنمية تتدفق مع التيار بينما تتدفق الالتزامات مع التيار".

 

ورأى أنه "إذا قبلت إثيوبيا اليوم بالعمل المشترك، فسيصبح كل مشروع مستقبلي عرضة للتفاوض. وإذا تم تطبيع حق النقض على مستوى حوض النيل، فسيتوقف نمو أفريقيا في أعالي النهر بشكل متعمد. لهذا السبب، تتجاوز أهمية هذا النقاش مجرد سد واحد". 

 

وشدد على أن "التعاون ممكن، والتنسيق ضروري، لكن السيطرة ليست مطروحة. يمكن تقاسم النيل دون استخدامه كسلاح، ويمكن حماية الاستقرار الإقليمي دون خضوع سياسي، ويمكن حل المشاكل الأفريقية دون اللجوء إلى واشنطن. سيعمل سد النهضة، وستنمو إثيوبيا، ولن يتم التنازل عن السيادة".

 

https://analyticatoday.com/the-veto-strategy-egypts-push-to-control-the-nile-from-washington/