شهدت إعادة انتخابات مجلس النواب في ثلاث دوائر بمحافظة الجيزة–الطالبية والعمرانية، والدقي والجيزة، وبولاق الدكرور–إقبالًا محدودًا للغاية، وسط استمرار شكاوى من شراء الأصوات ومحاولات منظمة لحشد الناخبين عبر سيارات الأجرة والميكروباصات.

 

إعادة الاقتراع جاءت تنفيذًا لقرارات المحكمة الإدارية العليا التي ألغت نتائج المرحلة الأولى في 30 دائرة بسبب خروقات جسيمة، ما جعل هذا اليوم الانتخابي تحت رقابة مشددة وتوقعات بحضور أكبر، إلا أن الواقع جاء مخالفًا تمامًا.

 

طوابير اختفت.. وسيارات حشد تظهر

 

خلال جولة ميدانية في محيط عدد من اللجان بالطالبية والعمرانية، بدت الصورة واضحة: غياب شبه كامل للناخبين، وحضور لافت لسيارات أجرة تنقل مجموعات صغيرة من النساء وكبار السن إلى مقار الاقتراع، قبل أن تنتظرهم حتى خروجهم.

 

اللجان التي شهدت ازدحامات مصطنعة في الجولة الأولى، خلت تقريبًا من أي طوابير، بينما شوهد شباب وفتيات من الفئة العمرية نفسها يجلسون أمام بعض المدارس دون مشاركة حقيقية.

 

في مدرسة أحمد عرابي الثانوية، أكد أصحاب محال مجاورة أن سيارات الحشد تابعة لحملة المرشح السيد زغلول، الذي أُعيد إدراج اسمه في السباق بعد حصوله على حكم بإلغاء نتيجة الجولة الأولى. شهود عيان قالوا إن الناخبين كانوا يُنقلون بعد التصويت إلى مقر انتخابي خاص بحملة المرشح، حيث يحصل كل منهم على 200 جنيه.

 

لم يقتصر الأمر على مرشح واحد، إذ تحدث المواطن محمد الطريفي عن مرشح آخر هو جرجس لاوندي، الذي لجأ –بحسب شهادته– إلى تجميع بطاقات الرقم القومي عبر أصحاب محال تجارية قريبة، ودفع 200 جنيه لكل صوت، بينما تم توزيع الأموال على الناخبات داخل كوافير نسائي في المنطقة.

 

 

منع تصوير وإغلاق غير معلن أمام الصحفيين

 

أمام مدرسة الشهيد هشام شتا بشارع الهرم، ظهر الإقبال ضعيفًا إلى حد غير مسبوق، فيما قام ضابط شرطة عرف نفسه بأنه تابع للعلاقات العامة بمنع الصحفيين من التصوير أو حتى الوقوف بالقرب من المدرسة، في سلوك يكرر وقائع مشابهة حدثت في الجولة الأولى.

 

أما داخل محيط اللجنة، فشوهد طابوران مصطنعان لشباب ونساء جالسين على الأرض دون حركة حقيقية، في محاولة لإظهار وجود إقبال أمام الكاميرات.

 

الهيئة الوطنية تعترف.. والداخلية تتدخل

 

في مؤتمر متابعة سير العملية الانتخابية، أعلن المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، رصد وقائع حشد وشراء أصوات في عدد من شوارع الطالبية، بعد تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأكد بنداري توجيه لجنة المتابعة في الجيزة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الأمن، بينما أعلنت وزارة الداخلية لاحقًا القبض على عدد من الأشخاص في الطالبية و6 أكتوبر والهرم بتهم تتعلق بالرشاوى والدعاية الانتخابية.

 

الدقي والجيزة.. لجان بلا ناخبين

 

في دائرة الدقي والجيزة، كانت الصورة أكثر حدّة من حيث العزوف.

 

لم يدخل أي ناخب إلى مقر لجنة مدرسة بدر، خلال نصف ساعة كاملة من وجود فريق التغطية، في تكرار لذات المشهد بمدرسة الأورمان الثانوية بنات، حيث اكتفى عدد قليل من المؤيدين للمرشح كمال الدالي بالجلوس أمام المدرسة وهم يرتدون شارات باسمه.

 

وفي لجنة الهيئة العامة لمشروعات التعمير، اختفت مظاهر الازدحام تمامًا، واختفى معها الوجود الكثيف لأنصار المرشحين الذي ميز الجولة الأولى.

 

بولاق الدكرور.. زيادة متأخرة للإقبال مع الحشد

 

في بولاق الدكرور بدا الإقبال متواضعًا مع فتح اللجان صباحًا، وتصدرت السيدات وكبار السن المشهد أمام مدرسة الشيخة جواهر. ومع اقتراب الظهيرة، ارتفع عدد الناخبين، بالتزامن مع ظهور ميكروباصات تحمل عبارة "انزل شارك" وعلم مصر، إضافة إلى سيارات مزودة بمكبرات صوت وصور لعبد الفتاح السيسي ومسيرات صغيرة تحمل الطبول والمزمار.

 

ورغم غياب الدعاية المباشرة للمرشحين أمام اللجان، ازدحمت الشوارع المحيطة بلافتاتهم على بعد عشرات الأمتار.

 

انتهاكات متكررة ومشاهد مقلقة

 

داخل عدد من اللجان، رصدت وجود أوراق مطبوعة تحمل أسماء الناخبين وأرقام لجانهم، بينما شهدت بعض المدارس منع دخول مندوبي مرشحين رغم حملهم لتوكيلات، لعدم امتلاكهم بطاقات التعريف الصادرة من الهيئة.

 

وما زال 623 مرشحًا يتنافسون على 58 مقعدًا في الدوائر الثلاثين، بعد أن تم حسم 6 مقاعد فقط. فيما لا تزال دوائر أخرى بانتظار كلمة محكمة النقض الحاسمة.

 

خروقات متكررة أدت لإعادة الانتخابات

 

يُذكر أن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب شهدت خروقات واسعة، تسببت في إلغاء نتائج 68.5% من دوائرها. أبرز هذه الخروقات شملت شراء أصوات، توجيه ناخبين، والتلاعب في محاضر الفرز، وعدم إرسال نتائج بعض اللجان، الأمر الذي دفع المحكمة الإدارية العليا إلى إصدار قرارات الإلغاء.