يشهد قطاع غزة، اليوم الأربعاء، واحدة من أعقد وأخطر اللحظات الإنسانية منذ بدء الحرب قبل أكثر من عامين، حيث يترافق استمرار خروقات جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار مع اجتياح منخفض جوي قطبي أغرق آلاف الخيام وأغرق معه آخر ما تبقّى للمدنيين من فسحة للنجاة.

وبينما يسقط الفلسطينيون شهداء برصاص الاحتلال وآلياته، يواجه مئات آلاف النازحين كارثة مناخية تتسع تداعياتها كل ساعة، في ظل بنية تحتية منهارة وغياب شبه كامل للمساعدات.

ثلاثة شهداء في يوم جديد من خرق الهدنة
واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار الهش، عبر عمليات توغل وإطلاق نار وقصف مدفعي في عدة مناطق من قطاع غزة. وأفادت مصادر طبية أن ثلاثة فلسطينيين، بينهم امرأة وطفل، وصلوا إلى مستشفيات القطاع وقد فارقوا الحياة، فيما أصيب خمسة آخرون بجروح متفاوتة.

وقالت مصادر ميدانية إن شابًا استشهد دهسًا تحت جنازير دبابة إسرائيلية قرب ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" في مخيم جباليا شمال القطاع، في مشهد يختصر حجم الانتهاكات اليومية رغم الهدنة. كما استشهد رجل وامرأة وأصيب ثالث برصاص قناصة من رافعات عسكرية شرق جباليا، بينما أصيب طفل برصاص مسيّرة إسرائيلية شرق مخيم البريج وسط غزة.

وفي خان يونس، أصيب مواطنان جراء قصف مدفعي استهدف بلدة بني سهيلا، فيما تمكنت طواقم الدفاع المدني – بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) – من انتشال جثمان شهيد في منطقة الواحة شمالي غزة.

وبحسب وزارة الصحة، فإن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الـ24 الماضية 3 شهداء و5 إصابات، لترتفع حصيلة ضحايا خرق الاحتلال للهدنة منذ 10 أكتوبر 2025 إلى 379 شهيدًا و992 إصابة، إضافة إلى انتشال جثامين 627 شهيدًا من تحت الأنقاض.

أما حصيلة حرب الإبادة التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، فقد بلغت حتى اليوم نحو 70,370 شهيدًا و171,069 إصابة، في أرقام تُظهر حجم الدمار اللامتناهي الذي أصاب القطاع وسكانه.

خيام غارقة تحت المطر… ومنخفض قطبي يزيد المعاناة
بالتزامن مع الاعتداءات الإسرائيلية، كشف المنخفض الجوي الجديد عن واقع أكثر قسوة. فقد أغرقت الأمطار الغزيرة مئات من خيام النازحين المنتشرة في مناطق عدة من قطاع غزة، حيث باتت العائلات تواجه مياهًا تتدفّق داخل أماكن إيواء لا تتوفر فيها أبسط شروط الحماية.

أظهرت مقاطع مصوّرة تدفّق السيول إلى داخل الخيام، وتحول المساحات الترابية إلى مستنقعات من الطين، ما أدى إلى تلف المتعلقات الشخصية وحرمان الأطفال من الدفء والغذاء. ويقدّر أن القطاع بات يحتاج إلى أكثر من 300 ألف خيمة ووحدات سكنية جاهزة لتوفير الحد الأدنى من المأوى.

وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن المنخفض القطبي "بيرون" يحمل معه مخاطر كبيرة، أبرزها الفيضانات والسيول وهبات رياح شديدة قد تقتلع عشرات الآلاف من الخيام، إضافة إلى احتمال ارتفاع الأمواج وحدوث عواصف رعدية.

الدفاع المدني: خطر غير مسبوق وقد تنهار مخيمات بأكملها
قال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، إن القطاع يواجه "خطرًا غير مسبوق" مع دخول المنخفض الجوي العميق، محذرًا من أن المخيمات المقامة في مناطق منخفضة مرشحة للغرق التام خلال ساعات.

وأوضح أن البنية التحتية المنهارة، وتدمير 40% من شبكات الصرف الصحي، ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات ضخ المياه، كلها عوامل قد تدفع غزة إلى "غرق واسع النطاق" في ظل عجز فرق الطوارئ عن الوصول للمناطق المتضررة بسبب الركام المنتشر في الشوارع.

ودعا بصل إلى تدخل دولي عاجل لإدخال كرفانات سكنية مجهزة وبنية تحتية ملائمة تتيح حماية العائلات من خطر البرد والسيول.

بلدية غزة: المعدات مدمرة والقدرة على الاستجابة شبه معدومة
حذّرت بلدية غزة من أن المنخفض القطبي قد يتحول إلى كارثة إنسانية مركّبة، مؤكدة أن الاحتلال دمّر أكثر من 85% من معداتها الخدمية، مما يعطل قدرتها على مواجهة السيول وشفط المياه ومساندة المتضررين.

وقال المتحدث باسم البلدية حسني مهنا إن آلاف الخيام غرقت بالفعل خلال الساعات الماضية، وإن الوضع يتفاقم مع استمرار هطول الأمطار ونقص المواد الأساسية اللازمة للعمليات الهندسية والإغاثية.

ودعا مهنا إلى ضغط دولي عاجل للسماح بدخول معدات الطوارئ والإيواء.

حماس: الاحتلال يمنع الإغاثة رغم الاتفاقات… والخيام «غير صالحة للحياة»
طالبت حركة حماس بإطلاق عملية إغاثة عاجلة وتوفير مراكز إيواء حقيقية بديلة عن الخيام الحالية، واعتبرت أن استمرار الاحتلال في منع دخول الوقود ومواد الإغاثة مخالفة لاتفاقات إنسانية موقعة في يناير وأكتوبر 2025.

وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم إن "الخيام الحالية غير قابلة للحياة"، محذرًا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى انهيار إنساني شامل.
احتجاز 32 أسيرًا من غزة… رغم انتهاء محكومياتهم
وفي سياق آخر، كشف "مكتب إعلام الأسرى" أنّ الاحتلال يواصل احتجاز 32 أسيرًا من قطاع غزة رغم انتهاء محكومياتهم منذ أشهر وسنوات، عبر تحويلهم إلى بند "مقاتل غير شرعي"، ما يعني إبقاءهم في السجن بلا تهمة أو محاكمة.

وأكد المكتب أن هذا الإجراء يشكل "انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب"، مشيرًا إلى أن الأسرى الغزيين محرومون من الزيارات والتواصل مع المحامين، وسط تعتيم كامل على أوضاعهم.

ويأتي ذلك بعد تقرير صادر في إسرائيل كشف عن تدهور حاد في أوضاع السجناء الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر 2023، بما يشمل الاكتظاظ والعنف اليومي ضدهم.

https://x.com/TurkiShalhoub/status/1997642051861561810

https://x.com/MyPalestine0/status/1998122924188864609

https://x.com/AnasAlSharif0/status/1998654118538117562

https://x.com/Abu_Salah9/status/1998472216162287684

https://x.com/Abu_Salah9/status/1998583236721565982