كشفت وسائل إعلام عبرية، الخميس، عن تفاصيل جديدة ومثيرة حول مقتل ياسر أبو شباب، زعيم الميليشيا المحلية التي عملت تحت الحماية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة. الرواية الجديدة التي أوردتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" تنسف التقارير الأولية التي تحدثت عن اغتياله برصاص حماس أو في اشتباك عشائري مسلح، لتؤكد أن الرجل الذي وصفته تل أبيب يوماً بـ"الذخر الاستراتيجي"، لقي حتفه نتيجة ضرب مبرح على أيدي أفراد مجموعته، ليموت لاحقاً في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، طاوياً صفحة من صفحات التعاون الأمني المثير للجدل.
"مات ضرباً".. تفاصيل الساعات الأخيرة في سوروكا
خلافاً للشائعات التي انتشرت فور إعلان وفاته، أكدت "يديعوت أحرونوت" أن أبو شباب لم يُقتل برصاصة، بل قُضي عليه بـ"الضرب" خلال شجار عنيف نشب بينه وبين أعضاء ميليشياته "القوات الشعبية". وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال، الذي كان يوفر الحماية للمجموعة في مناطق نفوذه برفح، سارع إلى إخلائه لتلقي العلاج في إسرائيل، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بجراحه البليغة أثناء نقله إلى مركز سوروكا الطبي في بئر السبع.
مصادر أمنية فلسطينية وإسرائيلية أكدت لقناة "آي 24" أن الإصابات كانت ناجمة عن "آلات غير حادة" (ضربات كليلة)، ونفت تعرضه لإطلاق نار أو طعن، مشيرة إلى أن الشجار اندلع بسبب خلافات داخلية حادة حول الزعامة وتوزيع مناطق النفوذ المنهوبة.
"خلافة فورية".. من هو رصّان الذهيني؟
لم يترك الاحتلال فراغاً في قيادة الميليشيا التي يمولها ويسلحها؛ إذ أشارت التقارير العبرية إلى أنه من المتوقع أن يتولى نائبه، رصّان الذهيني (أو غسان الدهيني)، قيادة ما يسمى بـ"القوات الشعبية". وكان الاثنان قد ظهرا معاً في مقاطع فيديو سابقة وهما يستعرضان قوتهما في رفح، متوعدين بمواصلة قتال حماس "حتى لو تم التوصل لتهدئة"، في موقف يتماهى تماماً مع أجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يرفض أي استقرار في القطاع.
"نهاية حتمية للخونة".. حماس والقبائل تتبرأ
تلقفت حركة حماس الخبر بارتياح، واصفة مقتل أبو شباب بأنه "نهاية متوقعة" و"مصير حتمي لكل من خان شعبه". واعتبرت الحركة في بيانها أن أفعال أبو شباب وعصابته كانت خروجاً فاضحاً عن الصف الوطني، مشيدة بموقف العائلات والعشائر التي رفعت الغطاء الاجتماعي عنه.
وفي موقف حاسم، أصدرت قبيلة "الترابين" بياناً شديد اللهجة، تبرأت فيه من أبو شباب، واصفة إياه بمن "خان عهده"، ومؤكدة أن مقتله يطوي "صفحة سوداء" لا تمثل تاريخ القبيلة المعروف بمساندة المقاومة. وشدد البيان على أن غزة "لا مكان فيها للخيانة"، داعياً لرفض أي محاولات إسرائيلية لضرب النسيج الاجتماعي عبر أدوات محلية.
"خسارة استراتيجية" لإسرائيل.. وتاريخ من الإجرام
على الجانب الإسرائيلي، سادت حالة من الخيبة، عبر عنها المعلق اليميني عميت سيغال بقوله إن هذا التطور "سيئ لإسرائيل"، معتبراً أن حماس كانت ترى في أبو شباب "تهديداً استراتيجياً" لحكمها. وتناسى سيغال، أو تجاهل، التقارير الأوروبية والإسرائيلية ذاتها (مثل صحيفة معاريف) التي وصفت ميليشيا أبو شباب سابقاً بأنها "عصابة إجرامية" متورطة في نهب المساعدات وتجارة المخدرات، قبل أن يعيد نتنياهو تدويرها كـ"قوة بديلة" في غزة.
بمقتل أبو شباب، تفقد إسرائيل ورقة حاولت استثمارها طويلاً لخلق "فوضى مسلحة" في جنوب القطاع، وتجد نفسها أمام حقيقة أن الرهان على "الروابط القروية الجديدة" أو الميليشيات المحلية هو رهان خاسر ومرفوض مجتمعياً، مهما بلغت سطوة السلاح والدعم اللوجستي.

