لم تكن انتخابات مجلس النواب هذه المرة مجرد عملية اقتراع زائفة كما اعتدنا في سنوات الانقلاب، بل تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة تديرها المافيا السياسية بغطاء رسمي. من الدقهلية إلى شبرا والسويس، تتوالى المشاهد الفاضحة لتؤكد أن ما يجري ليس انتخابات، بل هو "عملية سطو" مكتملة الأركان على إرادة الشعب، حيث الكلمة العليا للبلطجة، وتكسير الصناديق، واختطاف المرشحين وأهاليهم.

 

الدقهلية.. نجل مرشح يحطم الصناديق تحت سمع وبصر "الهيئة"!

 

في مشهد يعيد للأذهان عصور الفوضى السحيقة، اقتحم نجل أحد مرشحي السلطة لجنة انتخابية بمحافظة الدقهلية، وقام بتكسير الصناديق وبعثرة محتوياتها أمام الجميع، لأن النتائج لم تأتِ على هوى والده!

 

ورغم أن مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، استعرض الواقعة مع رئيس لجنة المتابعة بالمحافظة، إلا أن رد الفعل الرسمي جاء باهتاً وهزيلاً، وكأن تكسير الصناديق أصبح "مخالفة إدارية" وليس جناية تضرب شرعية العملية الانتخابية في مقتل. هذا الصمت المريب يؤكد أن الهيئة الوطنية لم تعد حكماً، بل تحولت إلى "شاهد زور" يشرعن الفوضى لصالح مرشحي النظام.

 

 

شبرا وروض الفرج.. الشرطة تحمي "البلطجية" وتعتقل الضحايا!

 

انتقلت العدوى سريعاً إلى القاهرة، وتحديداً دائرة شبرا وروض الفرج، حيث كشفت المرشحة ماريان شكري عن فضيحة مدوية. فبعد أن تعرض فريق حملتها لاعتداء وحشي من بلطجية منافسين، وبدلاً من أن تتدخل الشرطة لحمايتهم، قامت بالقبض على الضحايا واقتيادهم إلى القسم!

 

ماريان لم تتردد في توجيه رسالتها مباشرة لرأس النظام قائلة: "يا سيسي.. الانتخابات مش نزيهة، التزوير كتير والمخالفات كتير". هذه الصرخة ليست مجرد شكوى، بل هي إعلان وفاة لدولة القانون، وتأكيد على أن الأجهزة الأمنية أصبحت "شركة حراسة خاصة" لمرشحي السلطة.

 

 

السويس.. الترشح "جريمة" عقوبتها الاعتقال!

 

وفي السويس، لم تكتفِ "جمهورية العساكر" بتزوير النتائج في دائرة المرشح المعارض طلعت خليل، بل تجاوزت كل الخطوط الحمراء بإلقاء القبض عليه شخصياً ومعه شقيقه.

 

الرسالة هنا واضحة وفجة: "من يجرؤ على منافسة مرشحينا، مصيره السجن". لم يعد التزوير كافياً للنظام الهش، بل أصبح يحتاج إلى "اعتقال المنافسين" لضمان خلو الساحة تماماً، في مشهد عبثي لا يحدث إلا في الجمهوريات الموزية.

 

مونيكا مجدي.. الانتقام العائلي أسلوب "المافيا"

 

أما المرشحة مونيكا مجدي، فقد عاشت كابوساً لا يمت للسياسة بصلة، بل هو أقرب لأساليب "المافيا". فبعد العبث بصناديق دائرتها، لم يتم الاكتفاء بإسقاطها، بل تم القبض على والدتها وشقيقتها، والتحفظ عليها هي شخصياً!

 

هذا "الانتقام العائلي" يكشف الوجه القبيح لنظام لم يعد يكتفي بتزوير الأصوات، بل يسعى لكسر إرادة المرشحين عبر استهداف عائلاتهم ونسائهم، في انحطاط أخلاقي غير مسبوق.

 

الخلاصة: برلمان "باطل" ونظام فقد عقله

 

وسط هذا الفجور الانتخابي، خرج السيسي ليحدثنا عن "انتخابات نزيهة"، لتردد خلفه أجهزة "إعلام السامسونج" المعزوفة المعتادة. لكن الواقع على الأرض يصرخ بالحقيقة: لقد ارتفع مستوى التزوير من "الناعم" في عهد مبارك، إلى "الخشن والدموي" في عهد السيسي.

 

لم نعد نتحدث عن "تسويد بطاقات"، بل عن خطف مرشحين، وسجن أهاليهم، وتكسير صناديق، وبلطجة رسمية.

 

لذلك، فإن القول الفصل والنهائي هو: مجلس النواب القادم في مصر باطل.. باطل.. باطل. وكل ما سيصدر عنه من قوانين وتشريعات هو والعدم سواء. فنحن لسنا أمام برلمان، بل أمام "عصابة" تم تنصيبها بقوة السلاح والبطش، وعلى جثة الديمقراطية.