تعرضت الهدنة في غزة لانتكاسة جديدة أمس السبت مع سقوط 21 قتيلاً في الأقل بضربات إسرائيلية، وفق الدفاع المدني في القطاع، في حين شددت إسرائيل على أن غاراتها تأتي رداً على هجوم لـ"حماس"، معلنة القضاء على 5 من كوادر الحركة، في مشهد يكشف أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025 أصبح مجرد حبر على ورق، وأن الاحتلال يواصل حرب الإبادة تحت ذرائع واهية، بينما يسقط المدنيون الفلسطينيون، غالبيتهم أطفال ونساء، ضحايا لانتهاكات إسرائيلية ممنهجة.
497 خرقاً موثقاً منذ بدء الهدنة
أحصى المكتب الإعلامي الحكومي في غزة 497 خرقاً موثقاً لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي وحتى 22 نوفمبر 2025. هذا الرقم المهول يكشف أن الاحتلال لم يلتزم يوماً واحداً بالهدنة، بل استغلها لإعادة ترتيب صفوفه ومواصلة عدوانه بوتيرة متصاعدة.
ووفق المكتب الإعلامي، شملت الاعتداءات الإسرائيلية 142 عملية إطلاق نار مباشر على المواطنين والمنازل وخيام النازحين، و21 عملية توغل تجاوزت الخط الأصفر، و228 عملية قصف بري وجوي ومدفعي، إضافة إلى 100 عملية نسف طالت منازل ومنشآت مدنية.
342 شهيداً منذ وقف إطلاق النار
أشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن هذه الخروقات المتواصلة أسفرت عن وقوع 342 شهيداً من المدنيين، غالبيتهم أطفال ونساء وكبار سن، إضافة إلى 875 مصاباً بجروح متفاوتة، فضلاً عن 35 مواطناً جرى اعتقالهم بشكل تعسفي خلال عمليات التوغل والاقتحام. ووفق وزارة الصحة في غزة، فقد قتل 312 فلسطينياً بنيران إسرائيلية منذ سريان الهدنة، في حصيلة قد ترتفع مع استمرار عمليات الانتشال من تحت الأنقاض.
هذا يعني أن إسرائيل قتلت أكثر من 8 فلسطينيين يومياً منذ بدء الهدنة، معظمهم من الأطفال والنساء، في جريمة حرب مستمرة تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي يكتفي بالشجب ولا يتخذ أي إجراءات رادعة ضد الاحتلال.
يوم دامٍ: 21 قتيلاً بينهم أطفال
أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل وكالة الصحافة الفرنسية بأن غارات إسرائيلية على شمال ووسط القطاع أمس السبت أسفرت عن مقتل 21 شخصاً وسقوط عدد من الجرحى. في مستشفى الأقصى بدير البلح أظهرت لقطات سيارات إسعاف تنقل مصابين، بينهم أطفال كثر، منهم فتاة صغيرة وجهها مضرج بالدماء، وجثة على نقالة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة خليل الدقران إن "أكثر من 20 مصاباً" نقلوا إلى مستشفى الأقصى "غالبيتهم نساء أطفال"، ولفت إلى أن كثراً من الجرحى "أصيبوا في الرأس والصدر"، ما يشير إلى أن الاستهداف كان متعمداً ومباشراً بهدف القتل وليس مجرد ردع كما تدعي إسرائيل.
إسرائيل تدعي قتل 5 من "حماس".. والضحايا مدنيون
جاء في منشور لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على منصة "إكس": "اليوم، خرقت حركة (حماس) اتفاق وقف إطلاق النار مرة أخرى بإرسال إرهابي إلى مناطق تسيطر عليها إسرائيل لمهاجمة جنود الجيش الإسرائيلي. ورداً على ذلك، قضت إسرائيل على خمسة إرهابيين كبار من حماس". لكن الواقع على الأرض يكذّب هذه الرواية، حيث غالبية الضحايا هم أطفال ونساء ومدنيون، ولم تكشف إسرائيل عن هويات من قتلتهم، ولم يوضح الدفاع المدني ما إذا كانت حصيلة القتلى تشملهم.
هذا النهج المتكرر من إسرائيل، بادعاء قتل مقاومين بينما الضحايا الحقيقيون مدنيون، يكشف كذب الرواية الإسرائيلية، ويؤكد أن الاحتلال يستهدف المدنيين عمداً، ثم يدعي أنهم إرهابيون.
"حماس" تتهم إسرائيل بالخروقات الممنهجة
اتهمت "حماس" إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار. وجاء في بيان للحركة: "أسفرت الخروقات الصهيونية الممنهجة للاتفاق عن مئات الضحايا جراء الغارات وعمليات القتل المتواصلة تحت ذرائع مختَلقة، وأدت إلى تغييرات في خطوط انسحاب جيش الاحتلال بما يخالف الخرائط التي جرى التوافق عليها".
هذا الاتهام يتوافق مع الوقائع على الأرض، حيث لم تلتزم إسرائيل بأي بند من بنود الاتفاق، بل استغلته لترتيب أوضاعها ومواصلة عدوانها تحت ذرائع واهية. التغييرات في خطوط الانسحاب التي أشارت إليها "حماس" تكشف أن إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد في غزة، يحرم الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم.
الأمم المتحدة: تعثر إدخال المساعدات
أسف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أمس السبت لتعثر إدخال المساعدات إلى غزة، حيث يواجه السكان أزمة إنسانية "بسبب قيود تتصل بالتأشيرات وتصاريح الاستيراد ودعم كفاية نقاط العبور المتوفرة". هذا يعني أن إسرائيل تواصل حصارها على غزة، ولم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار الذي يتضمن إدخال المساعدات وإعادة الإعمار.
69,733 شهيداً منذ 7 أكتوبر 2023
اندلعت الحرب بين "حماس" وإسرائيل بعد هجوم شنته الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 تسبب في مقتل 1,221 شخصاً. وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ ذلك الحين 69,733 قتيلاً في الأقل، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. هذا الرقم المهول، الذي يشمل غالبية من الأطفال والنساء، يكشف حجم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
هدنة وهمية وإبادة مستمرة
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أصبح مجرد حبر على ورق. 497 خرقاً إسرائيلياً منذ بدء الهدنة، و342 شهيداً معظمهم أطفال ونساء، و875 مصاباً، و35 معتقلاً، كلها أرقام تشهد على أن إسرائيل لا تحترم الاتفاقيات، ولا تلتزم بالقانون الدولي، وأن حرب الإبادة مستمرة تحت ذرائع واهية.

