شهدت مصر خلال الـ 24 ساعة الماضية سلسلة من الحوادث المأساوية التي أودت بحياة 13 شخصًا على الأقل، بما في ذلك سياح أجانب، وسط إهمال واضح من الحكومة في تعزيز السلامة المرورية والأمنية. هذه الحوادث ليست مجرد وقائع فردية، بل تعكس فشلاً نظامياً في إدارة الطرق الرئيسية، صيانة الشبكات الكهربائية، ومكافحة الجريمة المنظمة، رغم الإعلانات الرسمية عن انخفاض حوادث الطرق بنسبة 10.3% في عام 2024.
يأتي هذا التقرير ليسلط الضوء على تفاصيل هذه الحوادث، في ظل فشل الحكومة مراراً في حماية المواطنين والسياح، مما يهدد الاقتصاد السياحي والثقة العامة في الدولة. إن إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء تكشف أن نوفمبر يُعد من أقل الشهور وفياتاً، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، مما يشير إلى تضخيم الأرقام الرسمية للتغطية على الإخفاقات.
إهمال مروري يُهدد السياحة
بدأ اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر بحادث مروع على طريق رأس غارب–الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، حيث اصطدم أتوبيس سياحي يقل 41 شخصاً بسيارة نقل ثقيل، مما أسفر عن وفاة سائق الأتوبيس المصري ومواطنة روسية، وإصابة 39 آخرين بينهم 27 روسياً و7 فنلنديين و2 ليتوانيين.
يُعد هذا الطريق من أكثر المحاور خطراً بسبب سوء الصيانة والحفريات غير المنتهية، رغم وعود الحكومة بتحسين البنية التحتية السياحية، مما يثير تساؤلات حول كفاءة وزارة النقل في تنفيذ مشاريع الطرق السريعة. التحقيقات الأولية أشارت إلى سرعة زائدة أو فقدان تركيز، لكن السبب الحقيقي يكمن في غياب نقاط التفتيش الفعالة وكاميرات المراقبة، حيث نقل المصابون إلى مستشفى رأس غارب المركزي تحت حالة طوارئ، وتابع سكرتير عام المحافظة الحالة دون تقديم حلول جذرية.
أما الحادث الثاني، فكان تبادلاً لإطلاق النار في محافظة قنا أثناء حملة أمنية، حيث قُتل 6 عناصر من تشكيل عصابي وبينما الحكومة تتباهى بانخفاض الجرائم، لكن مثل هذه الحوادث تثبت أن الإجراءات الأمنية سطحية، مما يعرض حياة المواطنين للخطر اليومي ويُضعف الثقة في قدرة الدولة على فرض الأمن.
فشل في الصيانة والمراقبة
مساء الاثنين 10 نوفمبر، وقع تصادم بين سيارتين على شارع التسعين شمالي القاهرة، أسفر عن مصرع شخصين وإصابة ثلاثة آخرين، بسبب مخالفة إشارات المرور وسط انتشار أمني مكثف بسبب الانتخابات.
يُعد هذا الشارع من أكثر المناطق ازدحاماً، وغياب الإنارة الكافية والحواجز يُعزى إلى إهمال بلدية القاهرة في الصيانة، رغم ميزانيات التنمية الحضرية الهائلة التي تُدار من قبل الحكومة المركزية. التحقيقات من قبل النيابة لم تُحدد المسؤوليات بعد، لكن الواقع يُظهر أن حوادث المرور في العاصمة تتجاوز 700 وفاة سنوياً، وفق إحصاءات الجهاز المركزي، مما يُدين سياسات وزارة الداخلية في تنظيم الحركة المرورية.
في الوقت نفسه، توفيت سيدة صعقاً بالكهرباء في منزلها بقرية العيايشا جنوب قنا، أثناء الغسيل، بسبب تسرب كهربائي ناتج عن شبكة قديمة غير مصانة. هذا الحادث يُبرز فشل شركة الكهرباء القابضة في تحديث الشبكات الريفية، رغم الوعود الحكومية ببرامج الطاقة المتجددة والصيانة الدورية، مما يؤدي إلى حوادث متكررة تُكلف حياة الفقراء في المناطق النائية. نقل الجثة إلى المشرحة تحت تصرف النيابة، لكن عدم وجود تحقيقات شفافة يُشير إلى تغطية على الإخفاقات الإدارية، حيث سجلت مصر آلاف الحالات المماثلة سنوياً دون محاسبة مسؤولين.
أخيراً، مصرع شخص في حادث دهس بعربة كارو على محور الأوتوستراد مساء أمس، بسبب عدم الالتزام بقواعد المرور وغياب الإشراف. يُعد هذا المحور من أخطر الطرق بسبب الازدحام والحوادث المتكررة، وفشل هيئة المرور في فرض الغرامات أو تحسين الإشارات يُعزى إلى سوء التنسيق بين الجهات الحكومية. التحقيق الأولي لم يُحدد هوية الضحية، لكن مثل هذه الحوادث تُثقل كاهل الأسر الفقيرة، مما يُظهر عدم عدالة السياسات الحكومية في حماية الفئات الضعيفة.
دعوة للمحاسبة
تُكشف هذه الحوادث عن نمط متكرر من الإهمال الحكومي، حيث تُدار الميزانيات للمشاريع الاستعراضية بدلاً من السلامة اليومية، مما أدى إلى 5260 وفاة في حوادث الطرق عام 2024 وحدها. يجب على الحكومة إطلاق تحقيقات مستقلة ومحاسبة المسؤولين، بدلاً من الاعتماد على إحصاءات مُجمّلة تُخفي الواقع المرير. إن استمرار هذا الإهمال ليس مجرد خطأ إداري، بل جريمة ضد الشعب، ويتطلب تغييراً جذرياً في السياسات لمنع تكرار المآسي.

