يبدو أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وجد نفسه في معضلة كبيرة بينما كان يتأهب لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، بحضور 40 من قادة وممثلي رؤساء دول العالم، في الوقت الذي تجاهل فيه نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي وضع حجر الأساس لهذا المشروع في عام 2002.
وسلطت وسائل الإعلام في مصر، الضوء بشكل مكثف خلال الفترة الأخيرة على المتحف الذي يقع على مرمى البصر من أهرامات الجيزة، وكيف ظهرت فكرة إنشائه إلى النور، وتحول من مجرد حلم إلى مشروع عملاق يضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، يتاح للزوار والسياح رؤيتها في مكان واحد.
فاروق حسني
لم يكن من اللائق الحديث عن المتحف واستعراض كافة التفاصيل الخاصة به، في الوقت الذي يتم فيه تجاهل صاحب فكرة تأسيسه، وهو وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، الذي ظهر في مقابلة مع فضائية "العربية"، وأسهب في الحديث معها بالتفصيل حول كيف راودته الفكرة في البداية.
وذكر كيف أنه التقى بأحد أصدقاء الناشر الإيطالي فرانك مريتش، الذي اندهش من حالة المخازن في المتحف المصري بالتحرير، وقال له: إذا أنشأتم هذا المتحف، سأساعد في توفير التمويل، مشيرًا إلى إمكانية التعاون مع المسؤولين الإيطاليين لتأمين الدعم المالي.
وأضاف: بعد ذلك، تواصلت مع الرئيس مبارك، وأبلغته برغبتي في إنشاء أكبر متحف في العالم، والذي كان قلقًا من كيفية تمويل هذا المشروع الكبير، بقروض، كما أنه تحفظ على المكان الذي اختير في البداية للمتحف، لأنه كان مقر استراحة قائد القوات الجوية، ونصحه بالابتعاد عن القوات المسلحة. لكن حسني اختار الارض البديلة التي كانت افضل في إطلالتها على الهرم، وتابعة بالمثل للقوات المسلحة، وساعده في ذلك المشروع المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق.
لهذا، ربما أدرك السيسي أن تجاهل دعوة فاروق حسني لحضور حفل الافتتاح إنكارًا لجهود الرجل وقفزًا على الحلم الذي ظل ينتظره لعقود حتى أبصر أخيرًا النور، وأن ذلك سيمثل له إحراجًا أمام الرأي العام، الذي ينظر إليه على أنه امتداد لدولة مبارك العتيقة.
وجاءت دعوة حسني الذي لاقى تجاهلاً في الإعلام المصري، ولم يلتفت إليه إلا بعد مقابلته مع "العربية"، التي أشار فيها إلى دور مبارك في وضع اللبنة الأولى لتأسيس المتحف من باب الوفاء للرئيس الذي كان عضوًا في حكومته لأكثر من 25 عامًا، كان فيها محل ثقته، ومقربًا من السيدة الأولى سوان مبارك، التي كانت مهتمة إلى حد كبير بالثقافة والآثار، وأشرفت على مشروع القراءة للجميع.
سوزان مبارك
وكانت سوزان التي توارت عن الأنظار بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق في فبراير 2011 هي التي قامت بافتتاح المرحلتين الأولى والثانية من مشروع المتحف المصري الكبير في عام 2010، بعد انتهاء العمل فيهما، حيث تضمنتا تأهيل وإعداد موقع المتحف، وبناء المركز الدولي للترميم ووحدة ضخمة للإطفاء ومحطتي محولات لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة للمشروع، ومحطة مياه، وتركيب الأجهزة والمعدات الحديثة ذات المستوى التقنى الرفيع.
مع ذلك تم تجاهل دعوتها أو أي من أفراد الأسرة الرئاسية لحفل الافتتاح، وعندما سئل نجلها الأكبر علاء عن عدم تلقي الأسرة دعوة لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير رد مبارك بتدوينة نشرها عبر صفحته بمنصة "إكس"، قائلاً: "للأسف الاسرة لم تتلق أي دعوة ولكن نلتمس العذر ربما لأن هنالك وفود أجنبية كثيرة والدعاوى محدودة، نشاهد الحفل مع الوالدة في التليفزيون إن شاء الله، والأهم إن حلم المتحف تحقق وألف مبروك لنا جميعًا".
دعوة علاء وجمال مبارك
وقد أثار تجاهل أسرة مبارك، ردود فعل غاضبة بين أنصار الرئيس الأسبق، الذين رأوا أنه كان يتعين على السيسي من باب الوفاء أن يوجه الدعوة إليها للحضور، وهو ما يبدو أنه تداركه في اللحظات الأخيرة، حيث تم توجيه الدعوة بالفعل لكل من علاء وجمال للحضور ضمن قائمة المدعوين.
لكنهما تغيبا عن الحضور دون اعتذار رسمي، ربما لأنهما شعرا بالإهانة بسبب توقيت الدعوة نفسها قبيل الحفل مباشرة، فيما يقول مراقبوزن إن السيسي ربما كان يخشى من أن يخطفا منه الانتباه، أو إمكانية استغلال الحدث ليسوق نجلا مبارك لأنفسهما، في ظل حالة من الغضب التي تنتاب المصريين من أداء قائد الانقلاب، وتدهور الأوضاع المعيشية إلى حد كبير تحت حكمه.
وغرد علاء عبر حسابه في منصة "إكس"، قائلاً: "ألف مبروك افتتاح اكبر متحف أثري في التاريخ الإنساني ، تحية من القلب لكل من شارك في تنظيم هذا الحفل الرائع الذى يليق بمكانه مصر وتاريخها . سعدنا بمشاهدة الحفل مع الأسرة تلفزيونيًا" .
ألف مبروك افتتاح اكبر متحف أثري في التاريخ الإنساني ، تحية من القلب لكل من شارك في تنظيم هذا الحفل الرائع الذى يليق بمكانه مصر وتاريخها . سعدنا بمشاهدة الحفل مع الأسرة تلفزيونيا . pic.twitter.com/EYBIAESeQB
— Alaa Mubarak (@AlaaMubarak_) November 1, 2025

