في واحدة من أكثر القضايا البيئية والفساد المحلي إثارة للغضب الشعبي هذا الأسبوع، تصاعدت الأزمة في قرية ميت نما بمحافظة القليوبية بعد أن كشف أهالي المنطقة عن قيام شركة سيارات كسح مملوكة لأحد أعضاء مجلس الشعب بإلقاء مياه الصرف الصحي مباشرة في نهر النيل، وعلى بعد أمتار قليلة فقط من محطة مياه الشرب الرئيسية التي تغذي القرى المجاورة. وقد تناولت قناة الشرق هذه الفضيحة في تقرير مصور أثار ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط اتهامات بالتواطؤ الرسمي والتقاعس عن إنفاذ القانون.
تفاصيل الواقعة
اشتكى الاهالي من أن سيارات كسح تفرغ محتواها في مياه النيل ليلاً، في منطقة قريبة من سور محطة مياه الشرب بميت نما. ووفقاً لشهادات الأهالي، فإن تلك السيارات تحمل لوحات تابعة لشركة خاصة يمتلكها عضو مجلس الشعب الحالي عن دائرة شبرا الخيمة – ميت نما، والذي يُعرف بتوسيع نشاطه التجاري في مجالات المقاولات والنقل والبيئة.
تهديدات للأهالي وإفلات من العقاب
أكثر ما أثار الغضب، بحسب ما أكد الأهالي، هو أن المسؤول عن الشركة — وهو نائب حالي في البرلمان — لم يواجه أي مساءلة رغم تقديم شكاوى عديدة للجهات المحلية. تقول منى عبدالعليم، إحدى سكان المنطقة: "روحنا لمجلس المدينة وقدمنا محاضر في البيئة، لكن محدش اتحرك. لما النائب عرف إن الناس اشتكت، بعت رجالة تهددنا، وقال بالحرف: اللي هيفتح بقه هيتحبس".
هذا النمط من التهديدات ليس جديداً في القليوبية، وفق ناشطين بيئيين تحدثوا للقناة. الناشط حسام ربيع عضو مبادرة "حافظ على نيلك" قال: "القانون واضح، أي تصريف مباشر في النيل جريمة بيئية تستوجب الحبس والغرامة، لكن لما الجاني نائب عنده نفوذ، القانون بيتعطل". وأضاف أن خطورة الحادث لا تكمن فقط في التلوث بل في مكان التفريغ نفسه، مؤكداً أن "محطة الشرب تبعد أقل من 300 متر من مجرى الصرف، مما يعني انتقال مباشر للبكتيريا والمواد السامة للمياه المخصصة للاستهلاك الآدمي".
تحرك محدود من الجهات الرسمية
حتى الآن لم تصدر وزارة البيئة أو وزارة الموارد المائية أي بيان رسمي حول الواقعة. مصدر داخل جهاز شؤون البيئة بالقليوبية، طلب عدم ذكر اسمه، صرح لصحيفة معارضة إلكترونية بأن الجهاز تلقى الشكوى، وتمت معاينة ميدانية أولية، لكن التقرير لم يُرفع بعد إلى النيابة العامة بسبب "الضغوط السياسية المرتبطة بصفة المتهم كنائب برلماني".
قضية ميت نما أصبحت نموذجاً صارخاً لتزاوج السلطة بالفساد المحلي، حيث يتحول نائب من المفترض أن يمثل المواطنين إلى مصدر تهديد لصحتهم وحياتهم. بين الصمت الرسمي والغضب الشعبي، يظل نهر النيل الضحية الأكبر، في انتظار تدخل حقيقي من الجهات الرقابية والقضائية لإنقاذ ما تبقى من ماء صالح للشرب في محافظة القليوبية.
https://www.youtube.com/watch?v=t4WarllaXVU