بعد مرور عامين على عملية "طوفان الأقصى"، تبرز هذه المقاومة التي نفذتها حركة حماس كحدث سياسي وعسكري مفصلي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ شكّلت تحوّلًا في الديناميكيات الأمنية والسياسية في المنطقة.
عملية طوفان الأقصى
في فجر 7 أكتوبر 2023، أطلقت حركة حماس وكتائب القسام عملية عسكرية واسعة النطاق حملت اسم "طوفان الأقصى"، ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى والاعتداءات على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل.
بدأت العملية بوابل صاروخي كثيف تجاوز عدد صواريخه 5000 صاروخ على المستوطنات الإسرائيلية، تزامن معه هجوم بري واسع عبر سيارات رباعية الدفع ودراجات نارية وطائرات شراعية. تمكنت خلالها المقاومة من السيطرة على مواقع عسكرية مختلفة داخل غلاف غزة وأَسر عدد من الجنود والمدنيين الإسرائيليين.
أعلن القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، أن الهدف من العملية هو وقف الانتهاكات الإسرائيلية واستعادة مشروع إقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدًا انتهاء التنسيق الأمني مع الاحتلال وبدء ثورة شعبية فلسطينية.
العمليات العسكرية للمقاومة خلال العامين
خلال العامين الماضيين، نفذت المقاومة الفلسطينية، بقيادة حركة حماس وكتائب القسام، أكثر من 26,000 عملية عسكرية متنوعة شملت إطلاق الصواريخ والاشتباكات البرية واستهداف مواقع إسرائيلية داخل الأراضي المحتلة.
ووفقًا للإحصائيات الإسرائيلية، أسفرت هذه العمليات عن مقتل نحو 1,195 إسرائيليًا بين جنود ومدنيين، إضافة إلى إصابة أكثر من 4,000 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وتدمير أعداد كبيرة من العربات والمعدات العسكرية.
وتبرز عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023 كبداية بارزة لتصعيد المقاومة، حيث أُطلِق أكثر من 5,000 صاروخ، وتم اقتحام مناطق داخل غلاف غزة والداخل المحتل بنجاح.
الحالة النفسية والانتحارات في صفوف الاحتلال الإسرائيلي
تشهد أوساط القوات العسكرية والمستوطنين الإسرائيليين اضطرابات نفسية حادة نتيجة تصاعد الهجمات المستمرة وضغوط الحرب المفتوحة شبه المستمرة على الحدود الجنوبية.
وأفادت تقارير إسرائيلية رسمية بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق بين الجنود بشكل ملحوظ، مع تسجيل أكثر من 150 حالة انتحار بين العسكريين منذ بداية الأزمة، فضلًا عن ارتفاع نسبة المصابين باضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD).
وتضع المصادر الأمنية ذلك في سياق انهيار المعنويات داخل الجيش وتزايد التوتر والخوف وعدم الاستقرار النفسي بين المستوطنين الإسرائيليين نتيجة استمرار العمليات العسكرية ضدهم.
المجازر التي ارتكبها الصهاينة بحق الفلسطينيين
شهدت الحرب الأخيرة واحدة من أكبر المذابح بحق الفلسطينيين، حيث تشير إحصائيات وزارة الصحة في غزة إلى استشهاد 67,160 فلسطينيًا، بينهم أكثر من 18,000 طفل و12,400 امرأة، بسبب القصف الإسرائيلي العنيف الذي دمّر مناطق سكنية ومرافق مدنية واسعة.
ومن بين أبرز المجازر مجزرة مستشفى المعمداني ومخيم الشاطئ، التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء جراء الاستهداف المتعمد للمنازل والمراكز الطبية والأسواق.
حجم الدمار وتهجير الفلسطينيين
تم تدمير أكثر من 12,000 وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي في قطاع غزة، وتضررت أكثر من 40 مستشفى و32 مركز رعاية أولية، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة.
وتسببت الحرب في نزوح أكثر من نصف سكان غزة داخل القطاع وخارجه، مع أزمة إنسانية حادة وارتفاع معدلات الفقر والجوع بسبب الحصار المستمر ونقص المواد الأساسية.
تجاوز عدد اللاجئين والنازحين داخليًا 1.4 مليون نسمة، يعيشون في ظروف قاهرة وسط نقص حاد في الكهرباء والماء والوقود.
عدد الشهداء والمصابين
وفق وزارة الصحة في غزة، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 حتى أكتوبر 2025 نحو 67,160 شهيدًا، فيما وصل عدد الجرحى والمصابين إلى 169,679 شخصًا، منهم عدد كبير من النساء والأطفال.
كما بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال الفترة نفسها نحو 1,195 قتيلًا من المدنيين والجنود، إضافة إلى آلاف الجرحى في الطرفين. وتشير الحرب إلى أكبر حصيلة من الضحايا المدنيين الفلسطينيين منذ نكبة 1948.
المستشفيات والقطاع الصحي في غزة
أغلقت 12 مستشفى و32 مركزًا صحيًا في غزة أبوابها بسبب الاستهداف المباشر من قبل الجيش الإسرائيلي أو نتيجة نقص الوقود والإمدادات الطبية.
ويعمل الطاقم الطبي في ظروف قاسية للغاية، حيث استُشهِد 489 من أفراد الطواقم الطبية وأصيب أكثر من 600 آخرين، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، مما يصعّب تقديم الرعاية للحالات الطارئة والمزمنة، خاصة في ظل شح معدات الولادة والعلاج النفسي.
تبادل الأسرى
خلال العامين الماضيين، تم تبادل أعداد محدودة من الأسرى بين إسرائيل وحماس، حيث أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 107 أطفال، مقابل إفراج حماس عن 105 مدنيين إسرائيليين.
وجرت المفاوضات عبر وساطات قطرية ومصرية وأمريكية ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، لكنها شهدت توترات وتأجيلات متكررة من الطرفين، مع استمرار مطالبات الفصائل الفلسطينية بتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.