كشف موقع "ذا انترسبت" الأميركي عن مشروع قانون جديد يثير موجة واسعة من الجدل داخل الأوساط الحقوقية والسياسية في الولايات المتحدة، بعدما تبين أنه قد يمنح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو صلاحيات غير مسبوقة لإلغاء أو رفض إصدار جوازات سفر لمواطنين أميركيين، ليس استناداً إلى جرائم مثبتة أو أحكام قضائية، وإنما بسبب آرائهم أو تعبيرهم عن مواقف سياسية.
وبحسب الموقع، فإن هذه الصلاحيات المقترحة تأتي في إطار مشروع قدّمه النائب الجمهوري برايان ماست تحت مسمى "إعادة هيكلة وزارة الخارجية"، إلا أن بنوده تكشف عن توجهات أكثر خطورة من مجرد "إصلاح إداري".
إذ ينص المشروع على إمكانية سحب أو منع إصدار جوازات السفر لأي مواطن يُشتبه في تقديمه ما يسمى "دعماً مادياً للإرهاب"، حتى من دون صدور حكم قضائي أو إثبات قانوني.
صلاحيات مطلقة بيد وزير الخارجية
في حال إقرار المشروع، سيصبح لوزير الخارجية روبيو سلطة شبه مطلقة لتحديد من يحق له الاحتفاظ بجواز السفر، ومن يمكن تجريده منه.
الأمر الذي دفع مراقبين إلى التحذير من خطورة ترك هذا القرار في يد مسؤول سياسي واحد، خاصة أن التجارب السابقة أظهرت تورط روبيو في معاقبة طلاب وأكاديميين أجانب بسبب آرائهم المناهضة للاحتلال الإسرائيلي.
المشروع يتيح للمواطن المتضرر الاستئناف على القرار، لكنه يفرض أن يكون الطعن أمام الوزير نفسه خلال 60 يوماً، وهو ما وصفه حقوقيون بأنه "إجراء شكلي بلا قيمة عملية"، لأن الوزير سيكون الخصم والحَكم في الوقت ذاته.
"شرطة الفكر" على الطريقة الأميركية
منظمات حقوقية كـ"مؤسسة حرية الصحافة" و"الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" انتقدت بشدة مشروع القانون، معتبرة أن تعريف "الدعم المادي للإرهاب" جاء فضفاضاً ومطاطاً لدرجة قد تسمح باعتبار أي نشاط سياسي أو كتابات صحفية أو حتى تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي شكلاً من أشكال الإرهاب.
وبهذا، يصبح الباب مفتوحاً أمام ممارسات وصفتها تلك المنظمات بأنها "شرطة فكر" حديثة، يمكن أن تُستخدم لإسكات أصوات الصحفيين والناشطين والطلاب الذين يعارضون السياسات الأميركية أو ينتقدون الاحتلال الإسرائيلي أو يناصرون القضية الفلسطينية.
سياق سياسي ضاغط بعد "طوفان الأقصى"
التقرير أشار إلى أن المشروع يأتي في سياق سياسي مشحون، حيث صعّدت منظمات داعمة لإسرائيل، من بينها "رابطة مكافحة التشهير"، من ضغوطها على المشرّعين الأميركيين منذ عملية "طوفان الأقصى"، لدفعهم نحو تجريم الأنشطة الطلابية والاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، واعتبارها أشكالاً من "الدعم المادي للإرهاب".
مخاوف عابرة للأحزاب
المخاوف من المشروع لا تتعلق فقط بالحزب الجمهوري أو بوزير الخارجية الحالي، بل تمتد لتشمل احتمالية استغلال هذه الصلاحيات مستقبلاً من قبل إدارات ديمقراطية. إذ يحذر النقاد من أن أي إدارة قادمة قد تستخدم هذه الأداة ضد معارضي سياساتها، سواء تعلق الأمر بالمستوطنات، أو الإجهاض، أو حتى حملات مناهضة اللقاحات.