مع دقات أبواب العام الدراسي الجديد، يجد ملايين الأسر المصرية أنفسهم أمام ضغوط متصاعدة تُثقل كاهلهم وتكشف عمق الأزمة الاقتصادية. فبدلًا من أن يكون موسم المدارس مناسبة للفرح والاستعداد للتعلم، تحوّل إلى كابوس بسبب الغلاء الفاحش في المستلزمات، وارتفاع أسعار الزي المدرسي والكتب، إلى جانب الدروس الخصوصية التي باتت عبئًا ثابتًا لا مفر منه. وفي ظل محدودية دخول الأسر وارتفاع تكاليف المعيشة، يزداد الإحباط لدى أولياء الأمور الذين باتوا يرون التعليم عبئًا ماليًا لا يحتمل.
الغلاء يلتهم ميزانيات الأسر
الارتفاع المستمر في الأسعار ضرب كل ما يتعلق بموسم المدارس. فقد زادت أسعار الأدوات المكتبية من كراسات وأقلام وحقائب مدرسية بنسبة تجاوزت 40% مقارنة بالعام الماضي.
وفي الأسواق الشعبية، يضطر الأهالي للبحث عن بدائل أرخص، لكن حتى هذه البدائل لم تعد متاحة بسهولة بسبب ضعف القدرة الشرائية.

تقول أم محمود، ربة منزل من القاهرة: "كنا بنشتري مستلزمات المدرسة لأولادي الثلاثة في يوم واحد، دلوقتي محتاجين نجزّأ ونشتري على دفعات عشان نلحق".
هذه الشهادة تعكس واقعًا مؤلمًا لأسر تلتهم المستلزمات الدراسية الجزء الأكبر من ميزانيتها الشهرية.
https://www.facebook.com/watch/?v=1088853373068460

أزمة الزي المدرسي والمصاريف
الزي المدرسي تحوّل إلى صداع مزمن للأسر. فالأسعار تضاعفت تقريبًا، حيث بلغ سعر الطقم الواحد في بعض المدارس الخاصة أكثر من 2000 جنيه، بينما تجاوز في المدارس الحكومية حاجز الـ600 جنيه.
كثير من الأسر تلجأ لإعادة استخدام زي العام الماضي أو تبادله بين الإخوة لتخفيف الأعباء.

أما المصاريف الدراسية، فهي الأخرى قفزت بشكل كبير، إذ فرضت بعض المدارس الحكومية "تبرعات إجبارية"، بينما رفعت المدارس الخاصة والدولية مصروفاتها بنسبة وصلت إلى 30%.
يعلّق أحد أولياء الأمور قائلاً: "مصروف مدرسة ابني في سنة واحدة زاد بما يعادل نصف مرتبي، وبقيت محتار أدفع للمدرسة ولا أجيب كتب وشنطة".
https://www.facebook.com/watch/?v=1538662787119766
 

أزمة الكتب المدرسية والخارجية
الكتب المدرسية المقررة تعاني من تأخر الطباعة أو نقص التوزيع في كثير من المدارس، ما يدفع الأهالي إلى شراء الكتب الخارجية لتعويض النقص.
لكن أسعار هذه الكتب قفزت بشكل لافت، حيث بلغ سعر الكتاب الواحد في بعض المواد الأساسية 200 جنيه أو أكثر، ما جعل تكاليفها الإجمالية تتجاوز ألفي جنيه للطالب الواحد.
ومع تزايد اعتماد الطلاب على هذه الكتب كمرجع رئيسي، يجد أولياء الأمور أنفسهم أمام معضلة: إما دفع المبالغ الطائلة لتأمين مستقبل أبنائهم، أو الاكتفاء بالكتب الحكومية الناقصة التي لا تكفي وحدها للتحصيل.
https://www.youtube.com/watch?v=W5DHRXTcHT4
 

الدروس الخصوصية.. عبء لا مفر منه
أصبحت الدروس الخصوصية أمرًا واقعًا لا يمكن الهروب منه. فالمدرسون يعزفون عن الشرح الكافي داخل الفصول، مما يدفع الأسر للاعتماد على المراكز والدروس المنزلية.
وتشير شهادات أولياء الأمور إلى أن تكلفة الدروس قد تفوق أحيانًا مصاريف المدرسة نفسها.

إحدى الأمهات من الإسكندرية تقول: "عندي بنتين في الثانوي.. بندفع شهريًا أكتر من 5 آلاف جنيه للدروس، ومش قادرين نوقف عشان مستقبلهم".
هذا الواقع يضاعف الأعباء ويجعل التعليم عبئًا اقتصاديًا مستمرًا على مدار العام، وليس فقط مع بداية الدراسة.
https://www.youtube.com/watch?v=qfwjklBpoBk&t=1s

وفي النهاية فإن الأزمات المتراكمة مع بداية العام الدراسي تكشف عن معاناة حقيقية للأسر المصرية التي تقف عاجزة بين مطرقة الغلاء وسندان التزامات التعليم.
من ارتفاع الأسعار إلى أزمة الزي والكتب، مرورًا بالمصاريف والدروس الخصوصية، بات التعليم في مصر رحلة شاقة تتطلب من الأسرة ميزانية إضافية لا تتوافر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

ومع غياب حلول جذرية من الحكومة، يستمر نزيف الأسر المصرية عامًا بعد عام، في وقت يفترض أن يكون التعليم استثمارًا في المستقبل، لا عبئًا يهدد حاضر الناس ومعيشتهم.