يستعد عشرات آلاف الطلبة الجدد في مصر لدخول الحياة الجامعية، في خطوة تحمل الكثير من الترقب والأسئلة. فالانتقال من بيئة المدرسة إلى الجامعة لا يقتصر على تغيير في نظام التعليم، بل يمتد إلى أسلوب الحياة وطبيعة العلاقات الاجتماعية، ويطرح تحديات نفسية وأكاديمية مختلفة.

 

بلال إبراهيم.. بين الحلم والارتباك

يقول بلال إبراهيم، طالب السنة الأولى بكلية الحاسبات والمعلومات، إنه حقق حلمه بالالتحاق بالتخصص الذي يرغب فيه، ويشعر بأن الجامعة ستمنحه حرية أكبر، وإن كانت أكثر صعوبة. غير أنه يظل قلقًا من غياب مسار واضح وسط تعدد طرق التعلم، معترفًا أن تصوره عن الجامعة تأثر بالأفلام السينمائية، لكنه يترقب واقعًا أكثر جدية.

 

سلمى طارق.. قلق التأقلم

بالنسبة لسلمى طارق، طالبة الهندسة المعمارية، كان هذا التخصص حلمًا طويلًا، إلا أن شعور الغربة يثقل حماسها، فهي لا تعرف أحدًا في الكلية الجديدة، وتتوقع صعوبة في التأقلم رغم شغفها بخوض التجربة. تقول إنها تتمنى تكوين صداقات جديدة تساعدها على مواجهة التحديات الأكاديمية والنفسية في الجامعة.

 

أميرة محمد.. امتحان المعادلة

تحاول أميرة محمد، طالبة الثانوي التجاري سابقًا، اجتياز امتحان المعادلة للالتحاق بكلية التجارة. وتؤمن بأن خبرتها السابقة في المحاسبة تمنحها ميزة، لكنها تدرك أن الحياة الجامعية أكثر اتساعًا وتحتاج مستوى أعلى من المسؤولية والتفكير النقدي.

 

فريدة الشامي.. حلم مؤجل

أما فريدة الشامي، طالبة كلية العلوم، فتخوض تجربتها الجامعية الأولى وسط شعور بالإحباط بعد أن حال دونها المعدل الدراسي وظروفها الأسرية عن دراسة الطب، حلمها القديم. ومع ذلك، تحاول التماسك عبر الاستماع لنصائح جدتها، معتبرة أن الاجتهاد والمثابرة هما السبيل الوحيد لعبور هذه المرحلة.

 

سامية خضر.. الفجوة بين النظامين

توضح أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، سامية خضر، أن الفارق بين المدرسة والجامعة كبير، لا من حيث أسلوب التعليم فقط، بل في طبيعة العلاقات والبيئة الاجتماعية. فبينما توفر المدرسة أجواء من الألفة بين طلاب متقاربين في السن والخلفيات، تكشف الجامعة عن تنوع واسع يفرض تحديات في التأقلم والتفاعل. وتؤكد أن الشعور بالارتباك طبيعي في البداية، لكن مع مرور الوقت يبدأ الطلاب في تكوين صداقات وعلاقات قائمة على الاهتمامات المشتركة.

 

الحاجة إلى دعم مؤسسي

تشدد خضر على أهمية دور أقسام رعاية الطلاب في الجامعات، من خلال تنظيم فعاليات تعريفية للطلبة الجدد تشمل كلمات ترحيبية وعروضًا تعريفية، إذ تساعد هذه المبادرات على كسر الحواجز النفسية.

 

ليلى عبد المجيد.. تفعيل الرعاية وتطوير الأساليب

من جهتها، ترى العميدة السابقة لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، ليلى عبد المجيد، أن استقبال الطلاب الجدد يجب أن يكون منظمًا وهادفًا لدمجهم نفسيًا وأكاديميًا. وتشير إلى أن "الأسر الطلابية" التي كانت تربط بين الطلبة والأساتذة شكلت في السابق إطارًا فعالًا للتوجيه والدعم، وتقترح إعادة العمل بها.

كما تحث عبد المجيد أساتذة الجامعات على تطوير أساليب التدريس بما يلائم جيلًا متمرسًا في التكنولوجيا لكنه يفتقر للصبر في المحاضرات التقليدية. وتدعو إلى اعتماد طرق تعليمية تفاعلية، مثل النقاشات الجماعية وتمثيل الأدوار، بما يحوّل الطالب من متلقٍ سلبي إلى شريك نشط في العملية التعليمية.

 

الجامعة كفضاء للتكوين

تؤكد عبد المجيد أن المرحلة الجامعية ليست مجرد محطة تعليمية، بل فضاء لصقل الشخصية واكتشاف المواهب وتكوين الصداقات العميقة، فهي واحدة من أبرز مراحل تشكيل هوية الإنسان وبناء مساره المستقبلي.

 

مؤشرات الأعداد: قراءة في تنسيق 2025

شهد تنسيق المرحلة الأولى للقبول بالجامعات المصرية لعام 2025 انخفاضًا في أعداد المتقدمين، حيث بلغ إجمالي المقبولين نحو 94,721 طالبًا مقارنة بـ113,200 العام الماضي. وكشفت بيانات القبول عن تغير في توجهات الطلبة، إذ تراجع الإقبال على شعبة الأدبي وعلمي علوم، بينما ارتفع بشكل ملحوظ عدد الملتحقين بشعبة علمي رياضة.

فقد بلغ عدد المقبولين من شعبة علمي علوم 23,264 طالبًا، فيما بلغ المقبولون من الشعبة الأدبية 54,600 طالبًا، وارتفع عدد المقبولين من شعبة علمي رياضة إلى 16,857 طالبًا، ما يعكس تحولات واضحة في اختيارات الطلاب، وربما في رؤيتهم لمستقبل سوق العمل.