أطلق الصحفي وصانع الأفلام الوثائقية أسعد طه تساؤلاً صادماً حين كتب: "بعد بيروت ودمشق وصنعاء والدوحة.. أي عاصمة عربية سيكون دورها القادم؟"، وهو تساؤل لا ينفصل عن ما يجري في المنطقة من استهداف ممنهج للعواصم العربية، وصولاً إلى الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة.
هذا السؤال يضع القاهرة في صدارة الترشيحات، خصوصاً مع ما نشرته وسائل الإعلام العبرية وتصريحات قادة صهاينة عن “إعادة رسم خرائط المنطقة” و“ضرب عمق العواصم التي تشكل سنداً لغزة وفلسطين”.
 

سيناء.. رسالة إنذار مبكر للقاهرة
لا يمكن فصل الحديث عن احتمال استهداف القاهرة عن التطور الأخير الذي وقع مطلع الأسبوع، حين اخترقت طائرات مسيّرة إسرائيلية الأجواء المصرية في سيناء واستهدفت أهدافاً داخل العمق المصري، في حادثة خطيرة لم يعلّق عليها النظام إلا بالصمت.

هذا الاستهداف ليس معزولاً، بل يُقرأ كرسالة واضحة بأن إسرائيل قادرة على تجاوز الحدود متى أرادت، وأن القاهرة نفسها ليست بعيدة عن مرمى النار.
وكما قال الكاتب ياسر الزعاترة، فإن “العدو يختبر ردود الأفعال تدريجياً، وما حدث في سيناء ليس سوى بروفة أو إنذار مبكر بأن الدور على القاهرة قد اقترب بالفعل”.
 

الإعلام العبري يلمح.. والقاهرة في الخطر
نشرت عدة صحف عبرية، بينها معاريف ويديعوت أحرونوت، تحليلات تؤكد أن القاهرة ليست بعيدة عن مرمى التهديدات، خاصة بعد تصاعد التوتر في ملف رفح والحدود المصرية – الفلسطينية.
المحلل السياسي ياسر الزعاترة يرى أن “إسرائيل تعتبر القاهرة الحلقة الأضعف بعد استهداف الدوحة، فهي تريد إخضاع النظام المصري أكثر، وتحويله إلى شريك كامل في خنق غزة، وإذا لم يستجب فإن سيناريو العقاب لن يكون مستبعداً”.
 

الدوحة نموذجاً.. والقاهرة الدور التالي؟
الهجوم الإسرائيلي على الدوحة أثبت أن تل أبيب مستعدة لتجاوز كل الخطوط الحمراء، وضرب أي عاصمة عربية، حتى تلك التي تنخرط في مسار التطبيع.
الإعلامي نظام المهداوي يقول إن “القاهرة تدفع ثمن سياساتها المتأرجحة، فهي من ناحية شريك في حصار غزة، ومن ناحية أخرى تحاول الحفاظ على ورقة الوساطة، وهذا التناقض يجعلها مرشحة لتلقي ضربة إسرائيلية أو رسالة قوية مفادها: إمّا أن تذعني بالكامل أو ستكونين الهدف القادم”.
 

البعد الإستراتيجي: القاهرة مركز الثقل العربي
القاهرة ليست مجرد عاصمة عربية عادية، بل مركز ثقل في معادلة الشرق الأوسط، وهذا ما يجعلها هدفاً مغرياً للصهاينة في حال أرادوا توسيع رقعة استهداف العواصم.
الباحث سيف دعنا يوضح أن “العدو الإسرائيلي يتعامل بعقلية من يزرع الرعب في المراكز الرئيسية للعرب، وقد بدأ من بيروت ودمشق وصنعاء، ثم الدوحة، وإذا جاءت القاهرة الدور فإن الرسالة ستكون أن إسرائيل قادرة على تحييد كل عمق عربي مهما كان حجمه أو تاريخه”.
 

رسالة ردع أم مقدمة لانفجار؟
التحليلات لا تتوقف عند حدود التهديد فقط، بل تتعداها للقول إن أي استهداف مباشر للقاهرة قد يفجّر معادلة المنطقة كلها.
الكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان حذر من أن “ضرب القاهرة لن يكون مجرد رسالة ردع، بل سيكون إعلان حرب شاملة على ما تبقى من النظام العربي، وقد يفتح الباب أمام فوضى غير مسبوقة في مصر والمنطقة”.

وفي النهاية فتصريح أسعد طه لم يكن مجرد تغريدة عابرة، بل جرس إنذار صريح بأن الدور قد يصل إلى القاهرة.
في ظل ما يجري، لا تبدو التهديدات الصهيونية مجرد تهويش إعلامي، بل سياسة ممنهجة لضرب العواصم واحدة تلو الأخرى.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل يستعد النظام المصري لمواجهة هذا السيناريو، أم يواصل سياسة التماهي التي قد تعجل بدور القاهرة في قائمة الاستهداف؟