يحتفل المصريون في التاسع من سبتمبر من كل عام بـ"عيد الفلاح"، وهو اليوم الذي ارتبط تاريخيًا بصدور قانون الإصلاح الزراعي عام 1952.
لكن رغم رمزية المناسبة، فإن أوضاع الفلاح المصري في السنوات الأخيرة لم تعُد مدعاة للاحتفال بقدر ما أصبحت عنوانًا لمعاناة متزايدة في ظل السياسات الاقتصادية والزراعية التي أرهقته، ودفعت كثيرين إلى ترك أراضيهم أو البحث عن بدائل خارج قطاع الزراعة.
ارتفاع تكاليف الزراعة وتراجع الدعم
أحد أبرز التحديات التي يواجهها الفلاح المصري في عهد السيسي هو الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة وبذور ومبيدات.
فمع تحرير أسعار الطاقة وتعويم الجنيه، تضاعفت تكاليف الزراعة بينما تراجع الدعم الحكومي المخصص للفلاح.
هذا الواقع جعل الكثير من المزارعين يعجزون عن تغطية نفقاتهم، خاصة مع ضعف أسعار توريد المحاصيل.
أزمة تسعير المحاصيل وتسويقها
يشكو الفلاحون من غياب سياسات عادلة لتسعير المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والقطن. ففي حين تعلن الحكومة أسعار توريد تقل كثيرًا عن تكلفة الإنتاج، تُرك الفلاح في مواجهة جشع التجار والسماسرة.
هذا الوضع دفع بعض المزارعين إلى هجر زراعة المحاصيل الحيوية والاتجاه إلى زراعات أقل تكلفة لكنها غير كافية لتحقيق الأمن الغذائي للبلاد.
نقص المياه وتراجع الرقعة الزراعية
مع أزمة سد النهضة وتراجع حصة مصر من مياه النيل، أصبح الفلاح المصري يعاني من نقص واضح في مياه الري، خاصة في محافظات الدلتا والصعيد. كما أن التوسع العمراني غير المنضبط أكل من الرقعة الزراعية، وهو ما يزيد من ضغوط الحياة على الفلاح الذي يجد نفسه محاصرًا بين ندرة المياه وغياب سياسات حقيقية لحماية الأرض الزراعية.
الديون والهجرة من الأرض
بسبب تراكم الأزمات، أغرق كثير من الفلاحين في الديون سواء للبنوك الزراعية أو لتجار السوق السوداء.
هذا الوضع أجبر شريحة واسعة منهم على بيع أراضيهم أو تركها بائرة، فيما اتجه آخرون إلى العمل بأجر يومي في المدن أو الهجرة غير الشرعية بحثًا عن لقمة العيش.
وأخيرا فعيد الفلاح المصري هذا العام يأتي في أجواء يغلب عليها الحزن بدلًا من الاحتفال، حيث يرزح الفلاح تحت وطأة أزمات متشابكة من ارتفاع تكاليف الزراعة، وتراجع أسعار المحاصيل، ونقص المياه، وتآكل الرقعة الزراعية.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه القطاع الزراعي إلى دعم حقيقي واستراتيجيات طويلة الأمد، يظل الفلاح المصري الحلقة الأضعف في معادلة الاقتصاد الوطني، رغم أنه يمثل العمود الفقري للأمن الغذائي في البلاد.