رغم إعلان الأمم المتحدة رسميًا حالة المجاعة في قطاع غزة، أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن الوضع على الأرض لم يشهد أي تغيير ملموس، وأن سكان القطاع ما زالوا يتضورون جوعًا في ظل غياب أي إجراءات حقيقية لإنقاذ الأرواح. المنظمة شددت على أن الإعلان الأممي، الذي كان يُنتظر أن يفتح الباب أمام تحركات عاجلة لتوفير المساعدات، لم يصاحبه أي خطوات فعلية، الأمر الذي أثار صدمة واسعة لدى المنظمات الحقوقية والإنسانية.

 

كارثة إنسانية تتكشف أمام العالم

منذ شهور، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في غزة تحت حصار خانق تسبب في شلل كامل للحياة اليومية، وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود. ومع استمرار الحرب وتدمير البنية التحتية، تفاقمت الأوضاع لتصل إلى مستوى المجاعة، وفق التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة نفسها.

لكن إعلان المجاعة لم يكن سوى خطوة بيروقراطية لا أثر لها على أرض الواقع، بحسب ما أوضحته منظمة أطباء بلا حدود. فقد قالت المنظمة في بيان لها: "الوضع الطبي في القطاع متردٍّ للغاية، ولا توجد موارد أو إمدادات، فيما لا توجد أي مؤشرات على تحرك فعلي بعد إعلان المجاعة".
المستشفيات خارج الخدمة ونقص الإمدادات الطبية

إلى جانب الجوع، يواجه القطاع أزمة صحية خانقة. المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل بالكاد تواجه ضغطًا هائلًا مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. وأكدت المنظمة أن كثيرًا من المصابين يموتون نتيجة غياب الرعاية الأساسية، بينما تنتشر الأمراض المعدية في مراكز الإيواء بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية.

الوضع المأساوي للمرافق الصحية يكشف عن كارثة مركبة: جوع ومرض وانعدام أمن غذائي، مع غياب شبه كامل للتدخل الدولي الفعّال. وتقدر المنظمة أن نسبة كبيرة من سكان غزة، وخاصة الأطفال، مهددون بالموت جوعًا أو بسبب الأمراض التي يمكن علاجها بسهولة لو توفرت الإمدادات.

 

أين دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؟

إعلان المجاعة كان يُفترض أن يكون نقطة تحول، لكن الواقع يؤكد أن الأمم المتحدة لم تترجم هذا الإعلان إلى إجراءات ملموسة. منظمة أطباء بلا حدود عبرت عن قلقها من أن يصبح الإعلان مجرد وثيقة رسمية تضاف إلى أرشيف الأزمة دون أن تدفع الأطراف المعنية إلى التحرك السريع.

ويرى مراقبون أن التباطؤ الدولي يعود إلى اعتبارات سياسية معقدة، إذ لم ينجح مجلس الأمن حتى الآن في إصدار قرار ملزم لفرض هدنة إنسانية شاملة، فيما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في فرض قيود صارمة على إدخال المساعدات، ما يجعل أي تحرك أممي غير فعال دون ضمان وصول الإمدادات إلى المدنيين.

 

أرقام صادمة ومعاناة يومية

وفق تقديرات منظمات الإغاثة، يعاني أكثر من 70% من سكان غزة من الجوع الشديد، فيما يعيش الآلاف على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة. الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا، حيث سُجلت حالات وفاة بسبب سوء التغذية الحاد، في ظل غياب الألبان والأغذية الأساسية.

من جانبها، حذرت منظمة الصحة العالمية سابقًا من انهيار المنظومة الصحية بالكامل، مؤكدة أن الوضع الحالي يهدد بانتشار أوبئة وأمراض مميتة إذا لم يتم التدخل فورًا.

 

نداء عاجل لإنقاذ الأرواح

أمام هذه الصورة القاتمة، وجهت منظمة أطباء بلا حدود نداء عاجلًا للمجتمع الدولي، تطالب فيه بضرورة التحرك الفوري لإدخال المساعدات الغذائية والطبية دون قيود، وتوفير ممرات إنسانية آمنة. وأكدت أن حياة مئات الآلاف من المدنيين على المحك، وأن أي تأخير في التحرك سيكون بمثابة حكم بالإعدام على شعب بأكمله.

خلاصة المشهد أن إعلان المجاعة في غزة قد يكون مجرد بداية لكارثة أكبر إذا لم يقترن بخطوات عملية عاجلة. الجوع والمرض يحاصران السكان، والوقت ينفد لإنقاذ الأرواح وسط صمت دولي يثير القلق والأسى.