أطلقت 14 منظمة حقوقية مصرية ودولية، من بينها هيومن رايتس مونيتور وإفدي الدولية، تحذيرًا شديد اللهجة من الأوضاع الكارثية داخل سجن بدر 3، معتبرة أن الانتهاكات المتصاعدة تهدد بوقوع مأساة إنسانية، قد تصل إلى وفيات جماعية أو دفع المعتقلين إلى محاولات متكررة لإنهاء حياتهم. يأتي هذا البيان في وقت تتزايد فيه الانتقادات الدولية لسجل حقوق الإنسان في مصر، وسط استمرار الحكومة في نفي تلك الانتهاكات.
شهادات مروعة من داخل الزنازين
وفقًا للبيان المشترك، فإن السجن الذي يفترض أنه "نموذج للإصلاح" تحول إلى مكان للتعذيب النفسي والجسدي. وأوضحت المنظمات أن السلطات تفرض عزلة كاملة على السجناء، عبر منع الزيارات العائلية لفترات طويلة، وحرمانهم من التريض، إضافة إلى مصادرة الأدوية والأغطية، وهو ما أدى إلى تدهور الحالة الصحية لعدد كبير من المعتقلين.
وأكد البيان أن "المحتجزين في سجن بدر 3 يتعرضون لسياسات تجويع ممنهجة، وانقطاع المياه بشكل متكرر، وإضاءة قوية على مدار 24 ساعة داخل الزنازين، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية لمعاملة السجناء".
تحذير من كارثة إنسانية وشيكة
المنظمات الحقوقية حذرت من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى موجة وفيات جماعية نتيجة الإهمال الطبي وسوء التغذية، إضافة إلى تصاعد معدلات محاولات الانتحار بين السجناء، في ظل غياب أي آلية للرقابة أو المحاسبة.
وأشار البيان إلى حالات متعددة من محاولات الانتحار التي جرت خلال الأشهر الماضية داخل السجن، وهو ما يعكس حجم المعاناة واليأس الذي يعيشه السجناء. وأكدت المنظمات أن السلطات المصرية تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياة المعتقلين وسلامتهم، داعية إلى تدخل عاجل لمنع "كارثة إنسانية غير مسبوقة".
مطالب عاجلة وتدخل دولي
المنظمات الموقعة على البيان طالبت بالإفراج الفوري عن السجناء المرضى وكبار السن، والسماح بزيارات عائلية منتظمة، ووقف ممارسات العزل والحبس الانفرادي، إضافة إلى إدخال فرق رقابية مستقلة لتقييم الأوضاع داخل السجن.
كما دعت المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى الضغط على الحكومة المصرية لوقف هذه الانتهاكات فورًا، معتبرة أن "الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم يشجع السلطات على التمادي في سياساتها القمعية".
خلفية: سجن بدر.. "جحيم تحت لافتة الإصلاح"
يُذكر أن سجن بدر 3 افتتحته السلطات المصرية في إطار ما وصفته بـ"خطة تطوير السجون"، إلا أن تقارير حقوقية منذ افتتاحه أشارت إلى أنه نسخة أكثر قسوة من سجن العقرب سيئ السمعة، حيث يتم الاعتماد على تكنولوجيا المراقبة والعزلة الكاملة كأدوات للسيطرة على السجناء، ما جعله يُلقب بين النشطاء بـ"العقرب الجديد".
وقد وثقت منظمات حقوقية منذ 2023 وفاة عدد من السجناء في ظروف غامضة داخل هذا السجن، بسبب الإهمال الطبي وسوء المعاملة، فيما تستمر الحكومة في نفي وجود أي انتهاكات، وتصف التقارير الحقوقية بأنها "مغرضة" و"تفتقر إلى المصداقية".
وفي ظل هذه التحذيرات، تبدو الأوضاع في سجن بدر 3 على وشك الانفجار الإنساني، خاصة مع غياب أي إجراءات ملموسة من السلطات المصرية للاستجابة لمطالب حقوق الإنسان.
وبينما يظل المعتقلون محاصرين بين جدران السجن وسياسات القمع، يبقى السؤال: هل سيتحرك المجتمع الدولي قبل أن تتحول التحذيرات إلى مأساة؟