في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما خلفته من آلاف الضحايا المدنيين وتدمير واسع للبنية التحتية، أعربت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن تقديرها للمواقف التركية التي وصفتها بـ"الثابتة والداعمة" للشعب الفلسطيني. يأتي هذا الموقف بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذتها أنقرة على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي، بهدف الضغط على حكومة الاحتلال ووقف عمليات الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكتوبر الماضي.
 

تفاصيل بيان حماس:
أكدت "حماس" في بيان رسمي، أن تركيا، حكومةً وشعبًا، وقفت إلى جانب الفلسطينيين في واحدة من أصعب المراحل التي يمر بها قطاع غزة، معتبرة أن هذه المواقف تعكس التزام أنقرة التاريخي بالقضية الفلسطينية. وأشارت الحركة إلى أن المساعدات الإنسانية التي أرسلتها تركيا، والجهود السياسية التي بذلتها في المحافل الدولية، شكلت سندًا مهمًا لصمود الفلسطينيين أمام آلة الحرب الإسرائيلية.

وقالت الحركة: "نثمّن مواقف الجمهورية التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان في مواجهة الجرائم الإسرائيلية، وندعو إلى المزيد من الخطوات الفاعلة على المستوى الدولي لردع الاحتلال وإجباره على وقف عدوانه الوحشي على المدنيين."
 

التحركات التركية الأخيرة:
منذ بداية الحرب على غزة، اتخذت تركيا سلسلة من الإجراءات للتعبير عن رفضها للممارسات الإسرائيلية:

التصعيد الدبلوماسي: طردت أنقرة السفير الإسرائيلي وأغلقت القنصلية الإسرائيلية في إسطنبول، وأعلنت تجميد العلاقات الدبلوماسية إلى أدنى مستوياتها.

الضغط الاقتصادي: في مايو الماضي، فرضت تركيا قيودًا على الصادرات إلى إسرائيل، شملت 54 منتجًا أساسيًا، أبرزها مواد البناء والحديد.

التحرك الدولي: قادت تركيا حملة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار الفوري، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود.

الرئيس التركي أردوغان أكد في أكثر من خطاب، أن بلاده لن تصمت أمام ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني"، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل، ومتوعدًا بمحاسبة إسرائيل على جرائمها أمام المحاكم الدولية.
 

خلفية الموقف التركي:
تركيا تاريخيًا كانت لاعبًا رئيسيًا في الملف الفلسطيني، لكن مواقفها ازدادت حدة منذ بدء الحرب الحالية التي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة.

كما أن أنقرة تستضيف قيادات من حماس منذ سنوات، وتعد أحد أبرز الداعمين السياسيين للحركة، رغم الانتقادات الإسرائيلية والغربية لهذا الدعم.

الغضب الإسرائيلي من أنقرة:

التحركات التركية أثارت غضب حكومة نتنياهو التي اتهمت أنقرة بدعم "الإرهاب" سياسيًا ولوجستيًا، ولوّحت بفرض عقوبات اقتصادية على الشركات التركية. في المقابل، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن بلاده "لن تتراجع عن مواقفها حتى ينتهي العدوان الإسرائيلي ويُرفع الحصار عن غزة".
 

انعكاسات الموقف التركي على الساحة الدولية:
خطوات تركيا فتحت الباب أمام تحركات مشابهة من دول أخرى في المنطقة، مثل ماليزيا وجنوب إفريقيا، التي تبنت خطابًا حادًا ضد الاحتلال الإسرائيلي.
كما أسهمت أنقرة في تنسيق الجهود مع قطر وإيران لتوحيد الموقف الإسلامي في المحافل الدولية، ودفع مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات عملية، رغم الفيتو الأمريكي المتكرر.

وأخيرا فإشادة حركة حماس بمواقف تركيا تأتي في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون إلى دعم سياسي وميداني أكبر، في ظل استمرار الصمت الدولي وتواطؤ بعض القوى الكبرى مع الاحتلال.
وبينما تواصل أنقرة تحركاتها الدبلوماسية، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة هذه الجهود على تغيير موازين القوى على الأرض أو فرض حل عادل يضع حدًا لمعاناة غزة.
لكن المؤكد أن تركيا اليوم تضع نفسها في موقع المواجهة مع الاحتلال، وتكسب المزيد من الشعبية في الشارع العربي والإسلامي، بوصفها واحدة من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطيني