في ساعات الليل الماضية، شهد حيّ الزيتون بشرق مدينة غزة تنفيذ كمين نوعي متسلسل استهدف قوات الجيش الإسرائيلي من الفرقة 162 واللواء 401، في أحداث أمنية لُوّنت برعب القوات وسميت من أصعب المواجهات منذ أكتوبر 2023.
وسائل الإعلام العبرية نقلت عن مقتل جندي واحد على الأقل وإصابة تسعة في اشتباك عنيف، مع تقارير عن فقدان أثر أربعة جنود وسط مخاوف من أسرهم. قوات الاحتلال تفعّلت على الفور بروتوكول "هانيبال" لمنع وقوع أسرى، وجرت عمليات بحث واسعة عن المفقودين.
العقيد المتقاعد نضال أبو زيد، محلل عسكري، اعتبر هذه الهجمات “ترجمة واقعية” لكلمات أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، مشيرًا إلى أن المقاومة نفذت العملية بدليل حي ومتكامل، ما يكشف عن تراجع جاهزية الاحتلال وانهيار بنيته القتالية التنظيمية. وأضاف أن مقاومة الأسر أصبحت خيارًا استراتيجيًا لكسر توازن العمليات.
برزت كذلك تصريحات كتائب القسام، التي نشرت على قناتها الرسمية – وتحديدًا عبر تيليغرام – صورة مؤثرة تُظهر أسر جندي إسرائيلي، مكبرة الحدث بالقول إن العملية تفوق بشاشتها ما حدث في “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023.
هل سيضغط هذا الحدث على نتنياهو وترامب للتراجع والتفاوض؟
الموقف الإسرائيلي:
رغم الضربة الأمنية التي أضعفت معنويات الجيش وأكدت فشل جهود السيطرة على حيّ الزيتون، تواصل الحكومة الإسرائيلية زخم حملتها العسكرية.
هي بصدد تنفيذ "عملية عربات جدعون 2" و"عملية عربات جدعون" لاحتلال غزة بالكامل، وتحقيق السيطرة على المدينة، مع تعزيز دعوة نتنياهو لإسقاط حكم حماس بالكامل.
الموقف الأمريكي (ترامب):
الرئيس ترامب عبّر بوضوح عن دعم مبادئ وردت في الحملة الإسرائيلية، قائلاً إن تحرير الأسرى الإسرائيليين لن يحدث إلا بـ"القضاء التام على حماس"، وبأن الحل العسكري هو السبيل النهائي.
هذه التصريحات تتوافق مع رسالة نتنياهو، وتعكس تمسّكًا مشتركًا بالنهج العسكري، حتى مع تصاعد الأزمة الإنسانية والتشكيك الدولي في جدوى العمليات.
خلاصة وتقييم:
أولاً، العملية النوعية في حيّ الزيتون تشكل نجاحًا ميدانيًا ونفسيًا للمقاومة، أكدت ضعف استعدادات الاحتلال وقدرته على كسر خطط الجيش داخل الحي. كما رسّخت فكرة الأسر كأداة ضغط استراتيجية.
ثانيًا، وعلى الرغم من الضربة الرمزية والمعنوية التي تلقتها قوات الاحتلال، يبدو أن نتنياهو وترامب لن يتراجعا عن سياساتهم العسكرية في المدى القريب.
نتنياهو ماضٍ في حملته الشاملة لاحتلال غزة وإنهاء حكم حماس، في حين يدعم ترامب هذا التوجه، معتبرًا أن الحرب هي السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف.
هل يمكن أن يضطر الطرفان في النهاية للتفاوض؟
برغم الموقف الحالي، لا يمكن استبعاد احتمالات التراجع مستقبلاً، خصوصًا مع تفاقم الأوضاع الإنسانية (أكثر من 63,000 شهيد، وتوقف المساعدات في كثير من المناطق) والدعوات الدولية للتسريع باتفاق مؤقت أو دائم.
لكن حتى لحظة كتابة هذا التقرير، فإن الخيار العسكري، كما يتضح، هو الركيزة الأساسية لسياسات نتنياهو وترامب، بينما تظل الضغوط مستمرة – شعبية وإنسانية – التي قد تدفع أجزاء مستقبلية من الحراك السياسي نحو صفقة، لكن ذلك لم يتبلور بعد.