دخلت العلاقات بين البرازيل والاحتلال الاسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من التوتر السياسي والدبلوماسي، بعد أن أعلنت حكومة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رفضها اعتماد تعيين غالي داغان سفيراً جديداً لتل أبيب، على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبحسب ما أوردته صحيفة معاريف العبرية، تجاهلت برازيليا بشكل متعمد طلب حكومة الاحتلال اعتماد داغان، الذي سبق له العمل سفيراً في كولومبيا، ما دفع الخارجية الإسرائيلية إلى سحب ترشيحه رسمياً، لتُدار العلاقات الثنائية في المرحلة المقبلة على مستوى دبلوماسي متدنٍ، بعدما ظل منصب السفير شاغراً منذ مغادرة السفير السابق.
خلفيات التوتر
تأتي هذه الخطوة في سياق سلسلة من المواقف المتشددة التي اتخذتها البرازيل ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث سبق أن أعلنت في يوليو 2025 انسحابها من "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" (IHRA)، كما انضمت إلى الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
التصعيد الدبلوماسي بين الطرفين تصاعد بشكل ملحوظ منذ أن شبّه الرئيس لولا دا سيلفا في فبراير 2024 ممارسات الاحتلال بجرائم النازيين، الأمر الذي دفع تل أبيب آنذاك إلى استدعاء سفيرها في برازيليا، بينما قامت الحكومة البرازيلية بخطوة مماثلة باستدعاء سفيرها لدى تل أبيب للتشاور، ليبقى مقره شاغراً منذ ذلك الحين.
رد الفعل الإسرائيلي
وزارة خارجية الاحتلال ردت بغضب على الخطوة البرازيلية، معلنة أن الرئيس لولا دا سيلفا بات "شخصية غير مرغوب فيها" في إسرائيل، في إشارة إلى تعميق الأزمة، مؤكدة أن القرار جاء نتيجة "تصريحات عدائية" متكررة صدرت عنه، كان أبرزها اتهام تل أبيب بارتكاب "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين وتشبيهها بالنظام النازي.
كما أوضحت الوزارة أن إسرائيل ستواصل خفض مستوى التواصل الدبلوماسي مع برازيليا، مع الإبقاء على قنوات اتصال "معمقة" مع قوى سياسية ودبلوماسية داخل البرازيل تُعرف بصداقتها لإسرائيل.
السياق الدولي والغضب العالمي
تتزامن هذه الأزمة مع موجة غضب عالمي متصاعد ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه على غزة في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر – بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع – عن استشهاد وإصابة أكثر من 221 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، وسط دمار واسع في البنية التحتية المدنية، ما أثار اتهامات متزايدة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
الموقف البرازيلي يُعد امتداداً لتحولات أوسع في مواقف دول أمريكا اللاتينية التي تبدي تعاطفاً متزايداً مع الشعب الفلسطيني، إذ سبقت كلٌّ من بوليفيا وتشيلي وكولومبيا البرازيل في اتخاذ خطوات دبلوماسية ضد تل أبيب، بما في ذلك طرد سفراء أو تجميد العلاقات.