أعلنت وزارة السياحة والآثار عن رفع أتعاب المرشد السياحي إلى 1800 جنيه لليوم الكامل، و1100 جنيه لنصف يوم، اعتبارًا من أكتوبر المقبل. الهدف المعلن هو تحسين أوضاع المرشدين الذين يعتبرون العمود الفقري لصناعة السياحة، ورفع جودة الخدمة المقدمة للسائحين.

القرار جاء بعد مطالبات طويلة من النقابة العامة للمرشدين السياحيين، والتي أكدت مرارًا أن الأجور الحالية لا تتناسب مع حجم الجهد والمسؤولية التي يتحملها المرشد.

 

الوضع على الأرض: "الحبر على الورق"

رغم صدور القرار رسميًا، فإن الكثير من المرشدين يشككون في إمكانية تطبيقه فعليًا. يقول أحمد علي، مرشد سياحي في الأقصر: "إحنا تعبنا من القرارات دي. كل شوية يطلع قرار على الورق، لكن في الواقع الشركات مش بتمشي عليه. أنا بشتغل من الصبح للمغرب وأخد 400 جنيه في اليوم. فين الـ1800؟"

أما نجلاء حسن، مرشدة تعمل في منطقة الأهرامات، فتقول بغضب" :إحنا بنواجه السائح من أول ما يوصل المطار لحد ما يمشي، بنشرح له تاريخ بلدنا وبنكون واجهة مصر، وفي الآخر ناخد أقل من سواق التاكسي. القرار ده لو اتطبق، هيفرق معانا كتير، لكن محدش بيلزم الشركات."

 

أسباب عدم التطبيق

هناك عدة أسباب تجعل هذا القرار مهددًا بعدم التنفيذ:

  • غياب الرقابة على الشركات السياحية: الشركات غالبًا تفرض شروطها، وتعرض أجورًا أقل بكثير من المعلن. لا توجد لجان تفتيش قوية لمراقبة ذلك.
  • عدم وجود آلية عقوبات واضحة: حتى الآن، لا توجد عقوبات صارمة على الشركات المخالفة، مما يجعل القرارات بلا قوة إلزامية.
  • المشاكل الضريبية والبيروقراطية : ما زالت هناك خلافات بين المرشدين والضرائب حول كيفية حساب ضريبة القيمة المضافة، مما يزيد من تعقيد الملف.

 

غضب واستياء في الوسط السياحي

العديد من المرشدين عبّروا عن استيائهم من الوضع الحالي. محمد عبدالغني، مرشد يعمل منذ 15 عامًا، قال: "إحنا مرشدين بقالنا سنين بنشتغل تحت ضغط رهيب، ومع ذلك مفيش تقدير. الأسعار غليت وكل حاجة بقت نار، وإحنا لسه بنقبض زي ما كنا من عشر سنين. يعني هو لازم نسافر بره عشان نلاقي تقدير؟"

وأضافت سلوى محمود، مرشدة في أسوان: "القرار لو اتطبق بجد هيغير حياتنا. إحنا بنشتغل شغلانة مرهقة جدًا، لازم نذاكر كل يوم ونكون مثقفين، ونواجه مشاكل السياح، وفي الآخر المرتب مايجيبش مصاريف يومين."

 

تأثير الأزمة على سمعة السياحة المصرية عالميًا

خبراء في القطاع يؤكدون أن استمرار هذه الأزمة يضر بسمعة السياحة المصرية عالميًا، لأن المرشد السياحي هو "واجهة الدولة" أمام السائحين. انخفاض الأجور يجعل بعض المرشدين يضطرون لتقليل جهدهم، أو حتى فرض رسوم غير رسمية لتعويض الفارق، ما يخلق تجربة سلبية للسائحين.

إحدى شركات السياحة الأوروبية أصدرت تقريرًا مؤخرًا يوضح أن "ضعف الخدمات المرافقة" مثل الإرشاد يعد أحد أسباب تراجع التقييمات الخاصة بالرحلات إلى مصر مقارنة بدول منافسة مثل تركيا واليونان.

 

رأي النقابة وردها على الشركات المخالفة

النقابة العامة للمرشدين السياحيين أصدرت بيانًا أكدت فيه أنها تتابع تطبيق القرار الجديد بدقة، وحذرت الشركات من التحايل عليه. وقال حسن النحراوي، عضو مجلس النقابة: "لن نسمح بعودة الممارسات القديمة التي تهدر حق المرشد. سنخاطب الوزارة لتشكيل لجان رقابية، وإذا استمر التلاعب سنلجأ للقضاء."

وأضاف أن النقابة بصدد إطلاق منصة إلكترونية لتوثيق العقود بين المرشدين والشركات، حتى لا يتم التلاعب بالأجور، مشددًا على أن "تنفيذ القرار هو السبيل الوحيد لإنقاذ المهنة من الانهيار."

 

ما المطلوب؟

  • إلزام الشركات بالقرار بشكل قانوني مع وضع عقوبات صارمة.
  • تفعيل الرقابة الدورية على العقود المبرمة بين الشركات والمرشدين.
  • فتح خط ساخن لتلقي شكاوى المرشدين وتوثيق المخالفات.
  • توعية السائحين بحقوق المرشدين لخلق ضغط غير مباشر على الشركات.

وأخيرا فرفع أتعاب المرشدين إلى 1800 جنيه خطوة إيجابية نظريًا، لكن التطبيق الفعلي هو التحدي الحقيقي. بدون رقابة قوية وآليات إلزامية، ستظل القرارات مجرد شعارات لا تعكس واقع المرشدين الذين يقفون في الصفوف الأولى لخدمة السياحة المصرية.