أطلق زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، تحذيرات شديدة اللهجة ضد حكومة بنيامين نتنياهو، متهمًا إياها بالتلاعب بملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وقال لابيد في تصريحات له اليوم الأحد: "الحكومة الحالية تتلاعب بمصير الأسرى، وهذا التأخير في التوصل إلى صفقة تبادل سيؤدي إلى موتهم"، في إشارة إلى المفاوضات الجارية بوساطة دولية منذ أشهر.
وأضاف لابيد: "الوقت ينفد، والعائلات تعيش مأساة إنسانية منذ أكثر من عشرة أشهر، بينما الحكومة منشغلة بحسابات سياسية وتحالفات هشة بدل إنقاذ حياة هؤلاء المواطنين".
واعتبر أن "إخفاق نتنياهو في هذا الملف هو امتداد لفشله الذريع في إدارة الحرب على غزة منذ بدايتها".
خلافات داخل الحكومة تُعطل الاتفاق
التصريحات النارية للابيد جاءت وسط تقارير عن خلافات حادة داخل الائتلاف الحكومي بشأن شروط التوصل إلى صفقة تبادل.
فبينما تطالب المقاومة الفلسطينية بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع كشرط أساسي، يصر وزراء في حكومة نتنياهو، خصوصًا من التيار اليميني المتطرف، على استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق "الحسم الكامل"، وهو ما يعرقل أي تقدم في المفاوضات.
مصادر إسرائيلية أكدت أن جهاز "الموساد" قدم توصيات بضرورة القبول بصفقة مرحلية لاستعادة الأسرى الأحياء على الأقل، لكن الضغوط السياسية من شركاء نتنياهو في الائتلاف، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، تحول دون ذلك، خشية أن يُفسر أي تنازل على أنه هزيمة أمام حركة حماس.
عائلات الأسرى: الحكومة تقتل أبناءنا ببطء
غضب العائلات الإسرائيلية بلغ ذروته، إذ خرجت مظاهرات متكررة أمام مقر الحكومة في تل أبيب، مطالبين نتنياهو بالتنحي إذا كان غير قادر على إعادة الأسرى. ورفعت إحدى الأمهات لافتة كتبت عليها: "أبناؤنا ليسوا ورقة مساومة".
وفي تصريح لوسائل إعلام عبرية، قالت ليئات شاحام، والدة أحد الأسرى: "نعيش كابوسًا منذ 7 أكتوبر، والحكومة لم تقدم شيئًا سوى الأكاذيب. كل يوم تأخير يعني أن أبناءنا يقتربون من الموت".
المقاومة: الصفقة بيد إسرائيل
على الجانب الآخر، تؤكد فصائل المقاومة أن الكرة في الملعب الإسرائيلي، وأن التعنت من حكومة الاحتلال هو ما يمنع التوصل إلى اتفاق.
وقال مصدر قيادي في حركة حماس: "مطلبنا واضح: وقف العدوان وانسحاب الاحتلال من غزة مقابل الإفراج عن الأسرى. هذه شروط إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون سياسية"، مشددًا على أن الاحتلال يراوغ لكسب الوقت.
أبعاد سياسية وانتخابية
محللون سياسيون يرون أن نتنياهو يضع مستقبل حكومته فوق حياة الأسرى، إذ يخشى أن يؤدي القبول بشروط المقاومة إلى انهيار ائتلافه المتشدد.
ويقول الخبير الإسرائيلي عاموس هارئيل إن "نتنياهو يوازن بين خسارة جنوده وبين خسارة حكومته، وفي النهاية يختار الثانية".
وأضاف: "كل يوم يمر دون اتفاق يعني أن حياة الأسرى في خطر، لكن الحكومة الحالية رهينة لأجندات شخصية وحزبية ضيقة".
صفقة تأجلت كثيرًا
تجدر الإشارة إلى أن هذا الملف يشهد جمودًا منذ فشل المحادثات الأخيرة في القاهرة، التي جرت بوساطة قطرية ومصرية، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وما خلفه من مجازر مروعة بحق المدنيين.
وتؤكد تقديرات إسرائيلية أن بعض الأسرى قد يكونوا لقوا حتفهم بالفعل نتيجة القصف أو الظروف الصحية القاسية، ما يزيد من الضغط الشعبي على الحكومة.
تصريحات لابيد تكشف عمق الأزمة داخل إسرائيل، حيث يتحول ملف الأسرى إلى قنبلة سياسية قد تنفجر في وجه نتنياهو قريبًا.
وبينما تتلاعب الحكومة بالوقت، تبقى حياة العشرات معلقة بخيوط رفيعة، في ظل حرب عبثية لا نهاية واضحة لها.