كشفت قناة 13 الإسرائيلية، في تقرير حصري، عن وثائق وبروتوكولات سرية لاجتماعات الحكومة الإسرائيلية، تظهر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان المحرّك الأساسي وراء عرقلة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، رغم وجود فرص حقيقية لإبرام اتفاق شامل يضمن إطلاق سراح الأسرى وإنهاء القتال.
 

بداية التسريبات: مارس 2025
بحسب القناة، تعود أولى المؤشرات الواضحة على موقف نتنياهو إلى الأول من مارس 2025، عندما ناقش المجلس الوزاري المصغّر (الكابنيت) مقترحًا للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة التهدئة، والتي تشمل بدء مفاوضات لوقف شامل لإطلاق النار والإفراج عن مزيد من الأسرى الإسرائيليين.

خلال الاجتماع، أيّد كبار المسؤولين الأمنيين هذه الخطوة، إلا أن نتنياهو رفض الفكرة بشكل قاطع، مؤكدًا أن "الحرب لن تنتهي طالما أن حركة حماس ما زالت في السلطة".
هذا الموقف الصارم شكّل نقطة تحول في مسار النقاش، وأغلق الباب أمام المضي في خطة كانت تُعتبر فرصة واقعية لإنقاذ الأرواح، حسب وصف القناة.
 

يناير: اتفاق كان ممكنًا لكنه لم يكتمل
في 17 يناير 2025، وافقت لجنة أمنية حكومية على مقترح لوقف مؤقت لإطلاق النار يشمل الإفراج عن عشرات الأسرى الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، وكان ينتظر المصادقة النهائية من الحكومة.

غير أن نتنياهو، وفقًا لتقرير القناة، لم يدفع بهذا الاتفاق إلى الأمام، ولم يُظهر أي نية لتقديمه للتصويت النهائي. هذه الخطوة، أو بالأحرى غيابها، تُظهر ـ حسب القناة ـ محاولة متعمدة لتفادي أي حل سياسي قد يؤدي إلى وقف القتال.
 

ممر موراغ: التصعيد بدل التهدئة
في 2 أبريل 2025، وبدلاً من التوجّه نحو التهدئة، أعلن نتنياهو عن إنشاء ما عُرف باسم "ممر موراغ الأمني" جنوب قطاع غزة، وهو خط عسكري يهدف إلى تقسيم القطاع وتعزيز السيطرة الميدانية الإسرائيلية.

وبحلول منتصف الشهر نفسه، كان الممر قد اكتمل بالكامل، في خطوة اعتبرتها قناة 13 تأكيدًا على خيار التصعيد العسكري بدل السعي نحو حل دبلوماسي، رغم تزايد الضغوط الداخلية والخارجية لإنهاء الحرب.
 

منتصف 2025: وساطات دولية وعرقلة إسرائيلية
خلال شهري مايو ويونيو 2025، طرحت وساطات دولية، بقيادة مصر وقطر وبمشاركة الولايات المتحدة، مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، يتضمن إطلاق نصف عدد الأسرى الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، مع ترتيبات إنسانية عاجلة.

وقد أبدت حركة حماس موافقتها على المقترح، لكن الجانب الإسرائيلي لم يُعلن أي موقف رسمي، ولم يُرسل وفدًا للتفاوض.
تؤكد القناة أن هذا "الصمت" كان استراتيجية مقصودة من نتنياهو لإبقاء الوضع على ما هو عليه، ورفض أي مسار قد يؤدي إلى إنهاء العمليات العسكرية.
 

أغسطس: التلويح باقتحام غزة
مع نهاية أغسطس 2025، عاد الحديث مجددًا عن احتمالات وقف إطلاق النار، وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية وتهديدات تمس حياة أسرى الاحتلال داخل القطاع.

ورغم ذلك، استمر نتنياهو في الدفع نحو التصعيد، ملوّحًا بعملية عسكرية واسعة ضد مدينة غزة.
وترى القناة أن هذا التوجه يعكس رغبة واضحة لدى نتنياهو في فرض واقع جديد بالقوة، حتى لو كان ذلك على حساب الأرواح والمصالح الاستراتيجية لإسرائيل نفسها.
 

لماذا يعرقل نتنياهو أي اتفاق؟
في تحليلها، توضح القناة 13 أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية خلف مواقف نتنياهو الرافضة للحلول:

  1. ضغوط من أحزاب اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي، والتي هدّدت بإسقاط الحكومة إذا تم التوصل إلى اتفاق مع حماس.
  2. اعتبارات سياسية داخلية، حيث يخشى نتنياهو من فقدان قاعدته الشعبية إذا قَبِل بهدنة قد تُعتبر "تنازلًا".
  3. إصراره الشخصي على إنهاء الحرب بما يسميه "النصر الكامل"، ورفضه لأي تسوية تُبقي حماس على قيد الحياة السياسية.

 

خلاصة التقرير
تؤكد تقارير القناة 13 أن بنيامين نتنياهو كان العقبة الأساسية أمام أي اتفاقات لوقف الحرب في غزة، رغم وجود مقترحات جاهزة، وتأييد من قيادات أمنية، ودعم دولي متزايد.

من رفض المرحلة الثانية في مارس، إلى تجاهل الوساطات الدولية في يونيو، ثم التصعيد العسكري في أغسطس، يظل نهج نتنياهو ثابتًا: استمرار الحرب لأهداف سياسية وعسكرية، مهما كان الثمن الإنساني.