في مشهد يختلط فيه الحزن بالألم الإنساني، نشرت سناء عبد الجواد، زوجة القيادي المعارض المعتقل محمد البلتاجي، رسالة مؤثرة بعث بها من داخل محبسه إلى ابنه الأصغر حسام، في ذكرى مرور 12 عامًا على فض اعتصام رابعة العدوية، الذي شهد مقتل ابنتهما أسماء.
رسالة تقطر ألمًا وحنينًا
كتب البلتاجي في رسالته: "ابني وحبيبي حسام: أنا أحبك جدًّا وفي أشد الاشتياق لحضنك والاطمئنان عليك والحديث معك ليل نهار... تركتك في الصف السادس الابتدائي وحيل بيني وبينك منذ أكثر من عشر سنوات، لم أعد أعرف ملامحك".
الرسالة حملت مشاعر الفقد والاشتياق، إذ عبّر البلتاجي عن ألمه لعدم مشاركته ابنه مراحل طفولته وشبابه، مؤكدًا أنه كان يحلم بأن يكون إلى جواره يسانده في أحلامه ويشاركه تحديات الحياة، لكنه حُرم من ذلك بسبب ظروف اعتقاله المستمرة منذ أحداث 2013.
وأضاف: "كنت أتمنى أن أسمع منك خصوصياتك التي تحب أن تناقشها مع أبيك، وأمنحك نصائحي وخبرتي، لكن التواصل الطبيعي حُرمنا منه منذ سنوات، وما يصلنا اليوم من رسائل يخرج بشق الأنفس كأنه معجزة".
وختم رسالته بدعاء مؤثر قائلاً: "ثق أننا سنلتقي يومًا قريبًا ومعنا أخوك أنس، لنكمل معًا مسيرة الدفاع عن الحق والكرامة، مسيرة أختك أسماء التي نحن الآن في ذكراها الثانية عشرة".
سنوات من الانقطاع والفقد
محمد البلتاجي، القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، يقضي أحكامًا بالسجن منذ اعتقاله عقب فض اعتصام رابعة في أغسطس 2013، وهو اليوم الذي فقد فيه ابنته أسماء، التي استشهدت أثناء فض الاعتصام بالقوة.
عائلة البلتاجي عانت من تضييقات قاسية خلال السنوات الماضية، حيث يقبع نجله أنس البلتاجي أيضًا في السجن منذ سنوات بتهم وصفتها منظمات حقوقية بأنها "سياسية"، في حين تعيش الأسرة مأساة غياب الأبناء والزوج تحت وطأة السجون.
انتقادات حقوقية لصمت الدولة
رسالة البلتاجي فتحت من جديد ملف أوضاع المعتقلين السياسيين في مصر، خاصة مع حرمانهم من الزيارات والتواصل الطبيعي مع أسرهم لفترات طويلة، وهو ما وصفته منظمات دولية بانتهاك صارخ للحقوق الأساسية.
الناشط الحقوقي هيثم غنيم علّق قائلاً: "ما يحدث مع المعتقلين وأسرهم ليس فقط عقوبة قانونية، بل عقوبة إنسانية مضاعفة، إذ يُحرم الأب من أبسط حقوقه في رؤية أبنائه ومتابعة حياتهم".
ومنذ النقلاب العسكري، وعائلات المعتقلين تعاني من حرمان طويل من الزيارات الطبيعية، والتواصل معهم لا يتم إلا بشكل محدود للغاية، وهو ما وصفته منظمات مثل هيومن رايتس ووتش بأنه "سياسة عقاب جماعي".
عائلة البلتاجي مثال صارخ لهذه المعاناة، فإلى جانب فقدان ابنتهم أسماء، يقبع محمد البلتاجي ونجله أنس في السجون، بينما تكابد الأسرة ظروفًا قاسية منذ أكثر من عقد.