في ظل أزمة اقتصادية خانقة تزداد مع مرور الوقت، فجر طلاب كلية الطب بجامعة 6 أكتوبر أزمة جديدة بإعلان الجامعة رفع المصروفات السنوية بمبالغ تتراوح بين 10 و30 ألف جنيه، مما يُعد عبئًا ماليًا ضخمًا على الطلاب وأسرهم.
هذه الزيادة لم تكن عابرة، بل تمثل تحولًا في سياسة التعليم الخاص في مصر، التي باتت تجارة بلا ضمير تدر الأرباح على حساب مستقبل الأجيال.
قرارات جائرة تزيد معاناة الأسر
الزيادة الأخيرة في المصروفات فجرت موجة غضب عارمة بين أولياء الأمور الذين وصفوا ما يحدث بأنه "ابتزاز متعمد" في وقت تنهار فيه القدرة الشرائية للمصريين.
مصاريف كلية الطب ارتفعت من 170 ألف جنيه إلى نحو 200 ألف جنيه سنويًا، في حين ارتفعت مصاريف كلية طب الأسنان إلى 180 ألف جنيه.
أما الكليات النظرية مثل كلية الإعلام فقد شهدت زيادات تتراوح بين 30 و60 ألف جنيه.
هذه الزيادات التي تفوق بكثير معدلات التضخم لا تعكس سوى سياسة جشعة تستغل الأزمة الاقتصادية لتحقيق أرباح ضخمة على حساب طلاب العلم.
صرخات غضب على منصات التواصل الاجتماعي
في مواجهة هذه القرارات القاسية، أطلق الطلاب حملات إلكترونية تحت وسم #مصروفات_6أكتوبر، مستنكرين ما وصفوه بتحول التعليم إلى تجارة بلا رحمة.
قال أحد الطلاب: "نحن رهائن لقرارات الجامعة، لا خيار لنا سوى الدفع أو ضياع مستقبلنا."
وأضاف أحد أولياء الأمور: "أين الدولة من هذا الاستغلال الممنهج؟ الجامعات الخاصة تحولت إلى شركات نهب تحت غطاء التعليم."
التعليم يتحول إلى سلعة للأثرياء فقط
هذه الزيادة في المصروفات لا يمكن تبريرها بأي منطق اقتصادي معقول.
فالجامعات الخاصة لا تراعى لا الوضع المعيشي ولا القدرة الشرائية للمواطنين، بل تستغل الظروف الاقتصادية لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب الطلاب.
النتيجة واضحة: إقصاء أبناء الطبقة المتوسطة من التعليم، وتحويل التعليم إلى رفاهية لا يتمتع بها سوى الأثرياء.
بينما يواجه بقية الطلاب خيارًا مريرًا بين التجميد أو الانتقال إلى جامعات حكومية مكتظة.
غياب الرقابة الحكومية والمسؤولية
في ظل هذه الفوضى، يقف المجلس الأعلى للجامعات الخاصة مكتفيًا بوضع حد أدنى وأقصى لرسوم الجامعات دون أي رقابة فعّالة بعد تأسيس الجامعات.
هذا التخاذل منح الجامعات الضوء الأخضر لرفع الأسعار بلا حساب، بينما غابت الرقابة على ممارسات الاستغلال الممنهج.
هذا الصمت الرسمي ليس حيادًا، بل تواطؤ صريح يُسهم في تدمير مبدأ تكافؤ الفرص ويضع الدولة في موقع الشريك في هذا الانهيار.
انعكاسات كارثية على المجتمع المصري
إذا استمرت هذه السياسات الجائرة، فسنشهد زيادة الفجوة الطبقية في المجتمع، حيث يتحول التعليم من حق مكفول للجميع إلى سلعة تُباع لمن يستطيع دفع ثمنها.
التعليم الذي كان يمثل وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية أصبح الآن أداة لتعميق الطبقية، حيث يتخرج من الجامعات الخاصة في مصر فقط من لديهم القدرة المالية، بينما يُستبعد أصحاب الكفاءة العلمية.
هذا سيؤثر في النهاية على جودة التعليم ومستوى التخصصات الحيوية مثل الطب والهندسة، لأن المال أصبح المعيار الأساسي لا الجدارة.
ختامًا: جريمة في حق مستقبل الأجيال
ما يحدث في جامعة 6 أكتوبر ليس مجرد قرار إداري عابر، بل هو جزء من سلسلة انهيار التعليم في مصر لصالح مصالح رجال الأعمال.
في وقت تشهد فيه الدولة دعوات للعدالة الاجتماعية، تُترك الأسر لمصير مظلم في مواجهة جشع الجامعات الخاصة.
إن ما يحدث اليوم هو جريمة في حق الأجيال القادمة، جريمة تُرتكب تحت أنظار الجميع، لكن لا أحد يتخذ خطوات جادة لوقفها.