في تغريدة لاذعة على "إكس" (تويتر سابقًا)، سخر الكاتب والسياسي عمار علي حسن من تباهي وزير المالية أثناء حديثه عن «زيادة الضرائب بنسبة 35.3% العام الماضي»، مؤكّدًا أن الرقم الذي نُشر «لا يعكس حِمل المواطن الفعلي».

وكتب في تغريدته: "أغلب الميزانية العامة من الضرائب، أي من كدّ المصريين وعرقهم، ومع هذا تحدثنا السلطة وكأنها تنفق علينا من جيب رجالها".
https://x.com/ammaralihassan/status/1956759568563974383

هذه التغريدة تُكثّف غضبًا شعبيًا ملحوظًا؛ ليس لأن الرقم كبير فقط، بل لأن الانفصال بين ما يُعلَن رسميًا وبين الأثر على جيوب المواطنين صار فجًّا لا يُحتمل.
عمار علي حسن هو جزء من أولئك الذين يقيسون السياسيين بقدرتهم على التخفيف، لا التربّع على اقتصاد الفقراء.
وتباهي الوزير بهذه الزيادة، في ظل أسعار سلع مرتفعة وخدمات أساسية في تراجع، يستنزف أقصى مقاومة نفسية لدى المواطن العادي، ويُثبت مرة أخرى أن ما يُقدّم كأرقام إنجاز لا يُترجَم إلا بضعف القوة الشرائية وتقلّص المساحة الحقيقية للمواطن في المعيشة.
 

ردود الفعل: الحكومة لا تُقنع، والناس لا تصمت
نشر حمادة: "كلام غير صحيح، مجرد أرقام غير حقيقية، كل من يعمل في القيادات العليا في الضرائب يعلم ذلك.. الحكومة تطلب منهم تحقيق تارجت، وليكن تريليون جنيه، وهما بيحققوا التارجت بس على الورق، وماشية كده كل سنة!!!! مستحيل تحقق 35% زيادة في الضرائب بدون معدل نمو ضخم يوازي هذه النسبة!!!!!!!"
https://x.com/Hamada32151953/status/1956906928808063174

وأضاف البرنس: "كل جنيه تأخذه الضرائب له أثران مهمان على حياة الناس: أولًا يرفع الأسعار لأن التاجر يريد تعويض الضرائب، وثانيًا يقلل إنفاق الغلابة على متطلباتهم الأساسية، وبالتالي حرمانهم من الضروريات.
فبدلًا من شراء ٢ كيلو لحم سيشتري نصف كيلو، وستنقص مكونات الثلاجة لتترك مساحة كافية للماء".
https://x.com/Egyprince7/status/1956788288276017311

ولفت أسعد: "ضرائب وبيع أراضٍ ومصانع ومزارع وموانٍ ومناجم وفواتير الكهرباء والماء والغاز والنت والتعليم والرخص والمخالفات. مفيش إنتاج أي شيء. 12 سنة سوء بعد سوء".
https://x.com/asaadqaasd11/status/1957007870542643459

وسخرت سارة: "قاعدين في العلمين على حسابنا هم وأسرهم، يرفعوا علينا الكهرباء والبنزين".
https://x.com/sara_abas71140/status/1956980693071778068

وتهكم عصام: "أصبحنا نتسوّل لندفع الضرائب والرسوم".
https://x.com/EssamHassa28275/status/1956766594920820746
 

ما يكشفه الرقم… وما يُخفيه الواقع

  • الزيادة المعلنة بنسبة 35.3% ليست على كل أنواع الضرائب، بل قد تكون على بعض الضرائب التراكمية أو ضريبة القيمة المضافة أو أرباح الشركات فقط. بالتالي، المواطن لا يعاني من زيادة مباشرة بهذه النسبة في دخله أو مشترياته، لكن الجزء الذي يمسّه ليس موحدًا عالميًا.

  • الأثر الفعلي على المواطن محدود ومُركّز في فئات معينة. معظم الضرائب ترتبط بالسلع والخدمات التي تتعامل معها الطبقات الفقيرة والمتوسطة: الطاقة، الاتصالات، السلع الاستهلاكية. وهنا يظهر أن الزيادة ضُربت على شرائح بدأت تسعى للبقاء.
     

تآكل القدرة الشرائية… أزمة ما بعد الإقرار
في الوقت نفسه، تشهد الأسواق المحلية طفرة في الأسعار، خصوصًا أسعار المواد الغذائية، ما يجعل الأرقام الرسمية تبدو بعيدة عن الواقع.
تقرير البنك الدولي الأخير يشير إلى أن الإنفاق على الغذاء ارتفع بنسبة تتراوح بين 25–40% لعدد من الأسر.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن التضخم على السلع الغذائية يتراوح حاليًا بين 50–60% لبعض المنتجات الأساسية.
وهنا، لا يمكن القول إن زيادة الضرائب بنسب معينة لا تُرهق، خصوصًا إذا كانت تطال التعليم والصحة والطاقة.
 

السّقف الضريبي في مصر… سمك فوق اللحم
مقارنة ببعض الدول النامية الأخرى، قد تبدو مصر كدولة ذات معدل ضريبي متوسط، لكن المقارنة الحقيقية يجب أن تُجرى على ما يصل للمواطن فعليًا، لا على إجمالي التحصيل الحكومي.
الضرائب غير المباشرة (كالضريبة على القيمة المضافة) تلتهم الدخل أكثر من الضرائب المباشرة، كالمفروضة على الشركات أو الأثرياء.
لذا، فإن النسبة المعلنة لا تعني عدالة، بل تكشف عن فجوة تتسع بين الحكومة والمواطن، وتؤجج استئثار السلطة بالموارد على حساب البسطاء.
 

الضرائب والاقتراض… دوامة لا تنتهي
الزيادة الرسمية في الموارد الضريبية تُضاف إلى ديون داخلية وخارجية تُسدد عبر خدمة الدين، وفق ميزانية الدولة. التقرير المالي الأخير يذكر أن نحو 60–65% من الإنفاق العام يُخصّص لسداد فوائد الديون.
والنتيجة: ما تحصّله الدولة من ضرائب يضيع سريعًا في الإدارات البيروقراطية وخدمة الدين، دون أن يرى المواطن تحسّنًا في الخدمات. هذا يجعل التباهي بالزيادة الضريبية يبدو زائفًا وجدليًا بشكل مهين.
 

35.3%… رقم بارد لحقيقة ساخنة
الرقم الرسمي للزيادة في الضرائب، سواء كان 35.3% أو أقل، ليس إلا عنوانًا لوجعٍ يتكرّر.
المواطن المصري لا يملك رفاهيةَ القراءات الاقتصادية الدقيقة أو تحليل المعادلات المالية، لكنه يشعر — بطنًا وقلبًا — أين تذهب أمواله، وأين يتعذّر عليه تأمين الحد الأدنى من الطعام، أو التعليم، أو الرعاية الصحية.
في هذا السياق، لا تُشفع الأرقام ولا المكاسب البراقة، لأن الواقع هو من يحكم — سواء أعلنه الوزير بزهوٍ، أم ذاقه المواطنون في صمت المدرّج.

إذا كان المجلس يفتخر بزيادة الموارد المالية، فالمواطن بحاجة لرؤية كيف تُوزَّع هذه الموارد لصالحه، لا لصالح البيروقراطية أو اقتصاد كلي بلا أثر مباشر على حياته.
التحمل ليس غاية، بل هو حجر الزاوية في دولة تتغافل عن أن المواطن هو الأساس، وأن الضرائب يجب أن تخدمه، لا تُرهقه.