حذّرت الأمم المتحدة من انهيار إنساني وشيك في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تواجه حصاراً خانقاً منذ أكثر من شهرين من قبل قوات الدعم السريع، وسط انقطاع شبه كامل للإمدادات الإنسانية وندرة حادة في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب.

وقالت إديم وسورنو، مديرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن المنظمة لا تزال تنتظر موافقة قوات الدعم السريع على إدخال المساعدات، رغم حصولها على ضمانات من الجيش السوداني بالسماح بمرورها. وأشارت إلى أن الوضع في العاصمة الخرطوم نفسها بات "كارثياً"، واصفة إياها بـ"مدينة أشباح"، حيث يعاني ملايين السودانيين من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، فإن أسعار الحبوب الأساسية في الفاشر، مثل الذرة الرفيعة والقمح، قفزت بنسبة 460% مقارنة بالعام الماضي، فيما أغلقت غالبية المطابخ المجتمعية أبوابها بسبب نفاد المخزون. وتشير التقديرات الأممية إلى أن 40% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم 11% في حالة خطيرة تهدد حياتهم.

ويقول خبراء في العمل الإنساني إن قدرة سكان الفاشر على الصمود انهارت تماماً بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ويؤكدون أن استمرار الحصار دون تدخل عاجل من المجتمع الدولي سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في الإقليم.

الفاشر، التي تبعد نحو 1000 كيلومتر غرب الخرطوم، هي العاصمة الوحيدة في إقليم دارفور التي ما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني. ومنذ مايو 2024، تخضع المدينة لحصار كامل من قوات الدعم السريع، ما جعلها معزولة عن العالم الخارجي.

وبسبب غياب البيانات الدقيقة وانعدام الوصول الإنساني، لم يُعلن رسمياً عن دخول الفاشر في مرحلة المجاعة، لكن مسؤولي الأمم المتحدة يؤكدون أن جميع المؤشرات الميدانية تؤكد اقترابها، مشيرين إلى أن بعض العائلات اضطرت للاعتماد على العلف المخصص للحيوانات أو حتى النفايات كمصدر للغذاء، في مشهد يعكس أقصى درجات الانهيار الإنساني.

ويحذر مراقبون من أن أي تأخير إضافي في إيصال المساعدات قد يحوّل الفاشر إلى مقبرة جماعية صامتة، حيث لن تكون المجاعة تهديداً محتملاً، بل واقعاً مفروضاً على عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين.