رغم أضواء المجد الكروي، يبدو أن عشق نجوم الكرة للفن لا يخبو، إذ لا تزال الشاشة الكبيرة والصغيرة ساحة تجذب كبار الرياضيين، وتدفعهم لاقتحامها من آنٍ لآخر، ولو بثمنٍ قد يكون الإخفاق. وبين تجارب ناجحة نادرة وأخرى لم تكتمل، تتكرر الظاهرة: لاعب كرة قدم يبدع في الملاعب، ثم يجرب حظه في عالم التمثيل.
آخر حلقات هذه الظاهرة جاءت من أسطورة الكرة المصرية، محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي الحالي وأحد أعظم من ارتدوا قميصه، والذي فاجأ الجميع بمشاركته الدرامية الأولى في مسلسل "كتالوج"، في مشهد خاص يضفي عليه لمسة إنسانية كأب يقدم النصيحة. خطوة لم تكن متوقعة من النجم المعروف بابتعاده الدائم عن الكاميرات الدرامية، والذي رفض في السابق أداء دور شحاتة أبو كف في فيلم "غريب في بيتي" الذي أداه لاحقًا الفنان الراحل نور الشريف.
وصية نبيل الحلفاوي تحرك “بيبو”
مصادر مقربة من المسلسل أكدت أن الخطيب قرر أخيرًا كسر الحاجز، وفعل ذلك بناءً على وصية من الفنان الراحل نبيل الحلفاوي، أحد أبرز مشجعي الأهلي، الذي طلب من الخطيب دعم نجله المخرج وليد الحلفاوي، بالمشاركة الرمزية في المسلسل المنتظر.
وبمشاركته، أعاد "بيبو" للأذهان أسماء كبيرة في تاريخ الكرة المصرية سبقت له الوقوف أمام الكاميرا، على رأسهم صالح سليم، الرئيس الأسطوري للنادي الأهلي، والذي تألق في واحد من أنجح أفلام الستينيات "الشموع السوداء" مع نجاة الصغيرة، وكان حينها نجمًا كرويًا وسينمائيًا في آن، قبل أن ينسحب سريعًا من المجال بعد عدة أفلام ناجحة، مُفضلاً العمل الإداري والرياضي.
إكرامي.. كوميديا خفيفة الحضور
وعلى النهج ذاته، ظهر إكرامي الشحات، حارس الأهلي الشهير، في أعمال كوميدية مثل "رجل فقد عقله" و"يارب ولد"، ليمنح الجمهور لحظات ضاحكة بشخصيته الطريفة والمحببة، لكنه عاد سريعًا إلى عالم التدريب، حيث وجد هويته الحقيقية.
ميدو وشوبير.. حضور محدود
التجارب الحديثة أيضاً لم تغب. أحمد حسام ميدو، نجم الزمالك والمنتخب الأسبق، جرّب حظه في فيلم "الحريفة"، ولعب دور المدرب المثقف، كما قدم مشاهد كوميدية في بعض برامج المنصات، لكن دون خطوات جادة لاحقة.
أما الإعلامي ولاعب الأهلي السابق أحمد شوبير، فشارك بصوته وأدائه كمعلق في فيلم "البدلة" إلى جانب تامر حسني وأكرم حسني، في ظهور نال استحسانًا لكنه ظل في إطار "ضيف الشرف".
وفي تجربة نادرة خارج المستطيل الأخضر، شارك خالد الغندور، نجم الزمالك السابق، في فيلمين هما "زي الهوا" و"الحاسة السابعة"، إلا أن التجربة لم تُثمر عن استمرارية، ليختار المجال الإعلامي بديلًا مريحًا له.
إبراهيم سعيد.. شغب فني على الشاشة
فيما قدّم إبراهيم سعيد، المعروف بتصريحاته المثيرة، عدة مشاركات قصيرة، منها ظهوره في مسلسل "مزاج الخير" مع مصطفى شعبان، وفيلم "العالمي" مع يوسف الشريف، دون أن يُكتب لهذه المحاولات النجاح الكافي لتأسيس مشوار فني.
علي ماهر ومدحت شلبي كان لهما أيضًا ظهوران شرفيان، الأول في أفلام مثل "سيد العاطفي"، والثاني كمعلق رياضي بشخصيته الحقيقية في فيلم "مرجان أحمد مرجان"، ونجح شلبي في تقديم لمسة واقعية طريفة لسيناريو الفيلم.
تجارب احترافية ولكن.. بلا تأثير
أما من حاول اقتحام التمثيل بجدية، فربما يكون أبرزهم جمال عبد الحميد، كابتن منتخب مصر في مونديال 1990، والذي قدم عدة أفلام ومسرحيات مثل "الصاغة" و"دقي يا مزيكا"، إلا أن غياب التميز حال دون مواصلة الطريق.
كذلك فعل شريف عبد المنعم، لاعب الأهلي الأسبق، حيث ظهر في أكثر من 10 أعمال فنية، من بينها "إمبراطورية الشر" و"عودة الهارب"، وسعى لتقليد نجوم هوليوود لكنه لم ينجح فنيًا، ليتحول إلى محلل رياضي.
فيلم “الزمهلاوية”.. تجربة جماعية لم تكتمل
ولعل التجربة السينمائية التي جمعت عددًا كبيرًا من لاعبي الكرة في عمل واحد كانت في فيلم "الزمهلاوية"، الذي حاول استغلال الشعبية الطاغية للأهلي والزمالك عبر قصة تدور حول صراع الجماهير.
وشارك فيه نجوم مثل عصام الحضري وعمرو زكي ومحمد شوقي وخالد بيبو، لكن الفيلم لم يُحدث الأثر المنتظر، وانتهت التجربة دون أن تفتح أبواب الفن لأي منهم.
لماذا لا ينجح لاعب الكرة في التمثيل؟
رغم شعبية نجوم الكرة وشهرتهم الجارفة، إلا أن معظمهم فشل في إثبات الذات فنيًا، ويُرجع النقاد ذلك إلى:
غياب الموهبة التمثيلية الفطرية، إذ إن الأداء أمام الكاميرا يحتاج لتدريب وفهم عميق للشخصية الدرامية.
الاعتماد على الشعبية الكروية فقط، دون تطوير أدوات التمثيل.
عدم تقبّل الجمهور لتحول الرياضي إلى ممثل، خصوصاً في حال افتقاره للإقناع.
مقارنة غير عادلة مع ممثلين محترفين، مما يزيد من فجوة الأداء.
شاهد:
https://www.facebook.com/watch/?v=1792420928353797