فتح إعادة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورقة «سدّ النهضة» إلى الطاولة بوعود دعم مصر، في خطوة تُغري السيسي بتسوية، لكنها تنذر بثمن سياسي قد يُمسّ موقفها التي أعلنته بعدم قبول تهجير قطاع غزة.

أدلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قبل أيام، بتصريحات مهمّة، لفت فيها إلى «تفهُّم» بلاده خطورة تأثير «سدّ النهضة» على الحياة في مصر، ودعا إلى حلّ عاجل للأزمة.

وتعمّد ترامب، خلال اجتماعه مع الأمين العام لـ«الناتو»، مارك روته، الوقوف عند مسألة السدّ، رغم أن أجندة اللقاء الرئيسية كانت حول مسألتَي الدفاع والأمن.

وكان قد أثار الرئيس الأميركي هذه المسألة، في تشرين الأول 2020، بعد فشل المفاوضات التي سبق أن رعتها وزارة الخزانة الأميركية مطلع العام نفسه، في ما فُهم وقتها بأنه تصريح لمصر بـ«ضرب سدّ النهضة»، ووصفته أديس أبابا بأنه «خيانة أميركية» لإثيوبيا.

وفي إطار تصريحاته الأخيرة، لفت ترامب إلى تقديم بلاده دعماً ماليّاً لبناء السدّ، معبّراً عن عجزه عن فهم عدم معالجة بلاده، على نحو ملائم، «القضايا التي خلقها»، فيما رأى أن النزاع لم يَعُد مسألة توتّر إقليمي، ولكنه «مسألة إنسانية وإقليمية بالنسبة إلى مصر».

السد مقابل غزة

وإذ أثارت تصريحات ترامب مخاوف عدد من الخبراء المعنيين بالملفّ في القاهرة، من استغلال التدخّل الأميركي لدفع مصر نحو قبول تسويات مؤلمة بقبول تهجير قطاع غزة، خاصة بعد مسارعة عبد الفتاح السيسي منذ أيام، إلى إصدار بيان مقتضب، رحّب فيه بتصريحات الرئيس الأميركي وثمّنها، باعتبارها «دالّة على جدّية الولايات المتحدة في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب»، مؤكداً تقدير مصر «حرص الرئيس ترامب على التوصّل إلى اتّفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السدّ الإثيوبي، وتأكيده ما يمثّله النيل لمصر كمصدر للحياة».

ووفقاً لخبراء، فإن التكلفة المرتقبة ستكون باهظة، وربّما على حساب موقف مصر المبدئي من القضيّة الفلسطينية أو بعض أركانها (مثل ملفّ التهجير من غزة).

وعلى أيّ حال، تظلّ مقاربة ترامب لملفّ «سد النهضة» إغواءً واضحاً لمصر، دفع ببعض الناطقين باسم الديبلوماسية المصرية إلى عدّ تعليقات الرئيس الأميركي «انتصاراً»، وهو ما يؤشر إلى تلهّف واضح لدى السيسي لتسوية هذا الملف، وثقة واضحة في دور ترامب المرتقب فيه. إلا أن الثمن الذي ستطلبه واشنطن من السيسي لقاء ذلك سيظلّ مؤرقاً، وربّما يفوق قدراته.