حذر الدكتور عباس شراقي من مشروع منخفض القطارة، مؤكدا أنه يحتاج لدراسات جدوى اقتصادية وبيئية من بيوت خبرة عالمية، والدولة المصرية لا تستطيع إنجازه في الوقت الحالي، حيث يحتاج مبدئيا نحو 14 مليار دولار.


تضارب الأفكار

وقال د. عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن ربط منخفض القطارة بالبحر المتوسط يؤدي إلى امتداد البحر إلي الداخل ليقترب من بعض المناطق الزراعية مثل منطقة المغرة وواحة سيوة وتغيير طبيعة المنطقة إلي بيئة بحرية.

في المقابل يوجد مشروع آخر لملء المنخفض بمياه عذبة من نهر النيل، فإن لم يكن حالياً بسبب محدودية الحصة المائية، فقد يكون مستقبلاً في حالة زيادة الحصة عن طريق تنفيذ بعض المشروعات المائية في السودان وجنوب السودان، ومد نهر موازٍ للنيل من منخفضات توشكى إلي الواحات الخارجة ثم الداخلة والفرافرة، وصولاً إلى منخفض القطارة في مسار قديم للأنهار في الصحراء الغربية.

 

توقيت غير مناسب

أضاف إن كلا المشروعين يحتاج إلي دراسات جدوي اقتصادية وبيئية دقيقة من بيوت خبرة عالمية، وأعتقد أن التوقيت الحالي غير مناسب حتي للإنفاق على هذه الدراسات، بالإضافة إلى أن التنفيذ في أي منهما خاصة بربط المنخفض بالنيل يحتاج إلى مبالغ كبيرة،

ثانياً تأثير مياه البحر علي المنطقة من حيث ملوحة التربة والتأثير على المياه الجوفية يحتاج إلى دراسات دقيقة أهمها الخصائص الطبيعية للرواسب السطحية وتحت سطحية من حيث النفاذية والمسامية والتراكيب الجيولوجية من تشققات وفوالق ونوعية الصخور ودراسات كيميائية لتلك الرواسب ودراسات جيوفيزيقية لمعرفة طبيعة الأرض تحت السطح.

أضاف إن هناك خصائص هيدرولوجية للخزانات الجوفية القريبة من السطح، والعميقة من حيث كمية المياه واتجاه حركتها ونوعيتها وسمك الخزان وعمق المياه.

ومن الطبيعي أن تزداد ملوحة التربة، وأن تتداخل مياه البحر مع المياه الجوفية السطحية، وهذا يحدث في شمال الدلتا بسبب القرب من البحر، ويتم التغلب على هذه المشكلة بزراعة الأرز الذي يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه يكون دورها غسيل التربة الزراعية ثم تغذية النباتات.

 

100 عام على الفكرة دون تنفيذ

بدأت فكرة المشروع للاستفادة من منخفض القطارة عام 1916 من قبل البروفيسور "هانز بنك" أستاذ الجغرافيا فى جامعة برلين عام 1916، ثم تولت مديرية الصحارى بمصلحة المساحة الجيولوجية بمصر الأعمال المساحية للمنخفض ما بين عامي 1924 و1927.

ثم توالت الدراسات حتى سبعينيات القرن الماضي دون القدرة على الوصول إلى نتائج حاسمة، وظلت حبيسة الأدراج خاصة بعد إنشاء السد العالي وتوليد الكهرباء منه.

عارض فكرة المشروع العديد من العلماء والمتخصصين في مقالات ودراسات بحثية قصيرة من بينهم العالم الجيولوجي فاروق الباز، سواء بملء المنخفض من البحر أو من النهر، لأن من شأن المياه المالحة أن تؤثر على عذوبة المياه الجوفية فى الصحراء الغربية.

كما أنه لا يمكن ملء المنخفض من مياه نهر النيل لأنها تصب في البحر المتوسط وتحمي الدلتا من التملح والغرق ولأنها لا تكفي لملء المنخفض وأن حصة مصر من مياه النيل تتراجع.

على المستوى الحكومي، رفض وزير البيئة، خالد فهمي، في سبتمبر 2014، مشروع منخفض القطارة، نظرا للأضرار المحتملة على المياه الجوفية وارتفاع منسوبها وزيادة عمليات الرشح وتأثير ذلك على الإنسان والكائنات الحية الأخرى وعلى التربة والأراضي الزراعية في الدلتا.

بدوره رفض العالم والخبير الجيولوجي بهي الدين عيسوي، المشروع الذي قد يؤدي إلى تدمير الدلتا شمال البلاد وحذر من آثاره السلبية على البيئة، ومن الفشل الذريع الذي ينتظره‏ على غرار مشروع توشكى في الصحراء الغربية.

وقال في تصريحات لصحيفة الأهرام (حكومية) في أبريل 2013 "إن مشروع منخفض القطارة سيحقق فشلا شبيها لما حققه مشروع توشكى"، مشيرا إلى أن البلاد بحاجة إلى الأموال الطائلة التي سوف تنفق على المشروع دون طائل.

والمشكلة في مصر الآن ليس تنفيذ المشروعات الكبيرة المشكلة في مصر هي وأد الأفكار الكبيرة لأسباب كثيرة منها قلة دراسات الجدوى، وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية للنهوض بهذه البلد طوال العقود الماضية، وحتى الآن لم يتم تنفيذ أي فكرة من خارج الصندوق قادرة على إحداث نقلة كبيرة في حياة المصريين.

 

موقع وفكرة مشروع منخفض القطارة

يقع مشروع منخفض القطارة بالقرب من مدينة العلمين ، منطقة الساحل الشمالى الغربى ومنخفض القطارة تعدان من أكثر المناطق قدرة على استيعاب الزيادة السكانية، حيث أن طولها نحو 500 كيلومتر، على واجهة ساحلية، بعمق 280 كيلومتراً، فضلا عن منخفض القطارة الذى يعد ثانى أعمق منخفض فى الشرق الأوسط، حيث يمتد منخفض القطارة من الشرق إلى الغرب، ويقترب طرفه الشرقى من البحر الأبيض المتوسط عند منطقة العلمين، ومساحته نحو 20 ألف كيلومتر مربع، ويبلغ طوله نحو 298 كيلومترا وعرضه 80 كيلومترا عند أوسع منطقة فيه ، وأقصى انخفاض له تحت سطح البحر يبلغ 134 مترا،

ويبدأ المنخفض من جنوب العلمين على مسافة 31 كيلومترا تقريبا.

ويتلخص المشروع في شق مجري مائي بطول 75 كيلومترا تندفع فيه مياه البحر المتوسط إلي المنخفض الهائل الذي يصل عمقه إلي 134 متراً تحت سطح البحر، فتتكون بحيرة صناعية تزيد مساحتها علي 12 ألف كيلومتر.

ومن شدة اندفاع المياه يمكن توليد طاقة كهربائية رخيصة تصل إلي 2500 كيلووات/ ساعة سنويا توفر مليارات الجنيهات.

ويستخدم المطر الناتج عن البخر في زراعة ملايين الأفدنة التي تحتاج الماء كي تبوح بخيراتها.. ولن تبخل البحيرة بالطبع في إنتاج كميات هائلة من الملح والسمك.. كما أنها ستخلق ميناء يخفف الضغط علي ميناء الإسكندرية.. بجانب المشروعات السياحية.. وتسكين ملايين المصريين القادمين من وادي النيل الضيق وخلق فرص عمل لهم .

مساحة منخفض القطارة تبلغ نحو 20,000 كم مربع

لو فرضنا أن عمق المنخفض 1 متر فيكون سعته 20 مليار متر مكعب.

لو فرضنا أن عمق المنخفض 5 متر فيكون سعته 100 مليار متر مكعب.

ولكن عمق المنخفض فى الواقع متدرج ويصل إلى 134 متر