بينما يترقب آلاف المواطنين بدء التقديم لوحدات مشروع "سكن لكل المصريين 7"، الذي انطلق أولى خطواته الرسمية اليوم الثلاثاء، تكشف مصادر مطلعة بوزارة الإسكان عن توقعات بتحصيل ما يقرب من 500 مليون جنيه من رسوم التقديم وحدها، مما يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات مشروعة: أين تذهب هذه الأموال؟ ومن يراقب إنفاقها؟

 

رسوم بالملايين مقابل فرصة "غير مضمونة"
بحسب المصدر المسؤول، طالبًا عدم الكشف عن هويته، فإن الوزارة قررت فرض رسوم إدارية وتسجيل على المتقدمين الجدد بقيمة 700 جنيه غير قابلة للاسترداد، في حين يتم إعفاء المتقدمين في الطروحات السابقة من المصاريف الإدارية ليكتفوا بسداد 150 جنيهًا فقط، بشرط تقديم مستندات توضح أسباب الرفض السابق، أو إثبات مطابقة الشروط.

لكن اللافت أن الوزارة تتوقع إقبالًا ضخمًا كالعادة، استنادًا إلى تجارب الطروحات السابقة التي تجاوز فيها عدد الطلبات أضعاف عدد الوحدات المتاحة. في الطرح الخامس مثلًا، تلقت الوزارة نصف مليون طلب للحصول على 78 ألف وحدة فقط، ما يعني أن أكثر من 400 ألف مواطن دفعوا رسومًا دون أن يحظوا بأي وحدة.

 

لماذا يدفع المواطن ولا يحصل على شيء؟
الناشطون في ملف السكن الاجتماعي يرون أن هذه السياسة تفرض عبئًا ماليًا كبيرًا على الأسر محدودة ومتوسطة الدخل، إذ لا تضمن الوزارة حصول كل من يسدد الرسوم على وحدة سكنية. ووفقًا لما أفاد به أحد المتقدمين السابقين:

"ندفع المقدم وننتظر شهور، وفي النهاية ممكن يترفض الطلب لسبب غير واضح، وترجع لنا الفلوس بعد فترة طويلة.. طب الفايدة على الفلوس دي راحت فين؟"

 

113 ألف وحدة جديدة.. هل توازي حجم الطلب؟
كان وزير الإسكان شريف الشربيني قد أعلن الأسبوع الماضي عن طرح 113 ألف وحدة سكنية جديدة، منها ما يقرب من 100 ألف وحدة تُطرح لأول مرة، بالإضافة إلى نحو 13 ألف وحدة سبق طرحها سابقًا، بمساحات تتراوح بين 75 و90 مترًا.

وتتوزع هذه الوحدات بين جاهزة للتسليم الفوري مقابل مقدم جدية 25 ألف جنيه، وأخرى تحت الإنشاء يُنتظر تسليمها خلال 36 شهرًا، مقابل مقدم 50 ألف جنيه.

 

فائدة تمويل تصل لـ12%.. ودعم حكومي غائب!
التمويل العقاري الذي تتيحه الدولة لشراء هذه الوحدات يتم عبر فائدة 8% سنويًا لمحدودي الدخل، و12% لمتوسطي الدخل، وهي نسبة تُعد مرتفعة نسبيًا عند مقارنتها بالوعود السابقة بمعدلات فائدة مدعومة من البنك المركزي تصل إلى 3%.

وفي غياب واضح لأي رقابة مالية معلنة على هذه المبالغ، يتساءل مراقبون عن الجهة المسؤولة عن تتبع هذه الأموال الضخمة التي تدفع مقدماً، ويظل بعضها مجمدًا في الحسابات البنكية لشهور وربما سنوات.

 

من يراقب أموال المواطنين؟
مسؤول سابق بوزارة الإسكان – طلب عدم الكشف عن هويته – قال إن الوزارة تستفيد فعليًا من مقدمات الحجز التي تُقدر بمئات الملايين من الجنيهات، مؤكدًا أنها "تُستخدم لدعم المنظومة والإنفاق على مشروعات الإسكان"، لكنه لم يوضح طبيعة الرقابة أو أين تُدرج هذه الإيرادات في الميزانية العامة للدولة.

في ظل غياب بيانات واضحة من الجهاز المركزي للمحاسبات أو وزارة المالية بشأن هذه الأموال، يتزايد القلق بشأن حجم المبالغ المتحصلة سنويًا، ومدى شفافيتها، خاصة مع تكرار حالات عدم قبول الطلبات وتأخر رد المبالغ لأصحابها.