تتجه حكومة الانقلاب المصرية، بقيادة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إلى فرض زيادة جديدة على أسعار شرائح الكهرباء المنزلية والتجارية بنسب تتراوح بين 10% و15% خلال الأسابيع المقبلة مع بداية العام المالي الجديد 2025-2026.

تأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة على الدولة، خاصة مع ارتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء نتيجة الاعتماد على استيراد الغاز والمازوت، مما رفع فاتورة الطاقة إلى أكثر من 25 مليار جنيه شهريًا.

وتأتي هذه الزيادة ضمن خطة الحكومة لتحرير أسعار الطاقة تدريجيًا، وفقًا لشروط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار، والذي يطالب بإنهاء دعم أسعار الكهرباء تدريجيًا بحلول ديسمبر 2025.

 

تفاصيل الزيادة وتأثيرها على شرائح الاستهلاك

الزيادة الجديدة ستطال جميع شرائح استهلاك الكهرباء التي تنقسم إلى سبع فئات، تبدأ من المستهلكين الذين لا يتجاوز استهلاكهم 50 كيلووات في الساعة، وتنتهي بالفئات التي تزيد استهلاكها عن 1000 كيلووات.

وفقًا لتصريحات رسمية، فإن الزيادة في الشرائح الأولى (الأدنى استهلاكًا) ستكون بين 10 إلى 12 قرشًا، بينما قد تصل إلى 25 قرشًا في الشرائح المتوسطة.

هذا يعني أن الطبقات المتوسطة والعليا ستتحمل عبئًا أكبر من الزيادة، مما قد يؤثر على قدرتها الشرائية ويزيد من تكاليف المعيشة.

 

خطة رفع الدعم.. تسلسل متصاعد منذ 2014

بدأت حكومة السيسي تطبيق خطة تدريجية لرفع الدعم عن الكهرباء منذ عام 2014، ضمن اتفاقاتها مع صندوق النقد الدولي.

وبحسب وزارة الكهرباء والطاقة بحكومة الانقلاب، فقد تم رفع الأسعار على مراحل في الأعوام 2016، 2018، 2020، وكان من المفترض الانتهاء الكامل من الدعم في 2022، إلا أن بعض التعديلات على الجدول الزمني تم تأجيلها بعد جائحة كورونا، لتعود الحكومة وتعلن في يونيو 2023 نيتها استئناف الرفع التدريجي.

 

ما أسباب الزيادة؟!

تبرر حكومة الانقلاب هذه الزيادة بضرورة سد الفجوة في فاتورة الوقود التي تتحملها الدولة لتشغيل محطات الكهرباء، والتي ارتفعت بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة، مثل الحرب بين إسرائيل وإيران، التي أثرت على أسواق الطاقة العالمية.

كما أن تثبيت أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي والتجاري لمدة خمس سنوات كلف الدولة حوالي 22 مليار جنيه دعمًا، تم تعويضه جزئيًا من خلال رفع أسعار الكهرباء على الاستهلاك المنزلي.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذه القرارات ليست بيد الحكومة فقط، بل هي نتيجة للضغوط الاقتصادية العالمية والمحلية، بالإضافة إلى خطة مصر لإلغاء دعم الكهرباء على مدار خمس سنوات والتي كان من المفترض أن تنتهي عام 2019 لكنها استمرت حتى الآن.

رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي أكد في عدة مؤتمرات صحفية أن مراجعة أسعار الكهرباء تتم سنويًا وفق آليات مدروسة تراعي التوازن بين تكلفة الإنتاج والظروف الاقتصادية للمواطنين، وأن الزيادات ستكون مدروسة ومتدرجة لتفادي الضغط على المواطنين وعدم التأثير السلبي على معدلات التضخم.

كما أكد أن حكومته لا تتخذ هذه القرارات بشكل مفاجئ، وأن الهدف هو الحفاظ على استدامة الخدمة دون الإضرار بالبعد الاجتماعي.

ومع ذلك، أثارت هذه الزيادات موجة من السخط الشعبي، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين واستمرار تقليص الدعم عن المواد البترولية.

 

أثر الزيادة على القطاعات الصناعية والتجارية

في خطوة متزامنة مع رفع أسعار الكهرباء على المستهلكين المنزليين، ألغت حكومة الانقلاب قرار خفض أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي اعتبارًا من 1 يوليو 2025، مما يعني رفع أسعار الكهرباء للمصانع بنسبة تصل إلى 15% أو أكثر.

هذا القرار جاء في إطار مراجعة سياسات دعم الطاقة مع ارتفاع أسعارها عالميًا، وهو ما قد ينعكس على تكلفة الإنتاج الصناعي وزيادة أسعار السلع والخدمات، مما يضغط على الاقتصاد الوطني ويزيد من الأعباء على المستهلك النهائي.

 

التحديات المستقبلية والتوقعات

من المتوقع أن تستمر حكومة الانقلاب في مراجعة أسعار الكهرباء بانتظام، مع احتمالية زيادات أخرى في السنوات القادمة ضمن خطة تحرير أسعار الطاقة التي تفرضها الاتفاقيات الدولية مع صندوق النقد الدولي.

ورغم أن هناك توجهًا سابقًا لتأجيل أي زيادة حتى 2026 مراعاة للظروف المعيشية، إلا أن التحديات الاقتصادية والضغوط المالية قد تدفع نحو تطبيق هذه الزيادات في موعدها أو حتى قبل ذلك.

ويواجه المواطنون المصريون، تحت حكم السيسي الانقلابي، تحديات متزايدة في تحمل تكاليف المعيشة مع ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود، وسط غياب حلول اقتصادية تنموية حقيقية تخفف من الأعباء.