تمر في الأول من يوليو 2025، ذكرى مرور عشر سنوات على حادثة تصفية 9 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في شقة بمدينة 6 أكتوبر، الواقعة التي شكلت نقطة سوداء في تاريخ مصر بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013، الحادثة التي أعلنت وزارة داخلية الانقلاب المصري أنها تمت خلال مداهمة أمنية، أثارت جدلاً واسعًا بين الرواية الرسمية التي تحدثت عن تبادل لإطلاق النار، وروايات حقوقية وأقارب الضحايا التي اتهمت قوات الأمن بالقتل خارج نطاق القانون.
من هم الضحايا وماذا حدث؟
في صباح 1 يوليو 2015، اقتحمت قوات الأمن شقة في منطقة 6 أكتوبر، حيث كان 9 من قيادات الإخوان مجتمعين، بينهم ناصر الحافي، عضو مجلس الشعب السابق ومسؤول اللجنة القانونية للجماعة، وجمال خليفة مسؤول المكتب الإداري للإخوان بالمنوفية، بالإضافة إلى عبد الفتاح محمد إبراهيم، مسؤول لجنة رعاية أسر الشهداء والمصابين، وآخرون من قيادات الجماعة.
وزارة الداخلية أعلنت أن المداهمة جاءت بناءً على إذن من نيابة أمن الدولة العليا، بزعم أن هؤلاء كانوا يخططون لعمليات إرهابية، وأنهم فتحوا النار على قوات الأمن، مما أدى إلى مقتلهم جميعًا في تبادل لإطلاق النار.
لكن أقارب الضحايا ومنظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش شككوا في هذه الرواية، مؤكدين أن الرجال كانوا معتقلين وعُذبوا قبل أن يتم تصفيتهم داخل الشقة.
الرواية الرسمية وأهم تصريحات وزارة الداخلية
وزارة داخلية الانقلاب نشرت بيانًا رسميًا في 1 يوليو 2015، أكدت فيه أن قوات الأمن نفذت مداهمة دقيقة بناءً على معلومات استخباراتية عن اجتماع قيادات "لجان العمليات النوعية" التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، وأنهم كانوا يخططون لشن سلسلة من الهجمات التخريبية، من بينها اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، الذي قُتل قبل أيام من الحادثة.
البيان أشار إلى أن رجال الأمن تعرضوا لإطلاق نار من داخل الشقة، فردوا بالمثل، ما أسفر عن مقتل التسعة، مع إصابة 3 من رجال الأمن، كما نشرت الداخلية صورًا للقتلى مع أسلحة ومخازن ذخيرة.
الروايات واتهامات حقوقية
على النقيض من الرواية الرسمية، نقلت هيومن رايتس ووتش وشهادات أقارب الضحايا أن الرجال التسعة كانوا عُزلاً من السلاح، وتم اعتقالهم وأخذ بصماتهم ثم تعذيبهم قبل قتلهم بدم بارد.
كما أشار محامون إلى أن قوات الأمن لم تواجه إطلاق نار حقيقي، وأن صور مسرح الجريمة لا تظهر آثار تبادل نيران.
هذه الاتهامات دفعت إلى تقديم شكاوى رسمية ضد وزير الداخلية ومدير جهاز الأمن الوطني، متهمة الأجهزة الأمنية بارتكاب جريمة قتل خارج نطاق القانون.
كما أشار بيان جماعة الإخوان إلى أن الضحايا كانوا أعضاء في لجنة دعم أسر الشهداء والمصابين، ولم يكونوا مسلحين أو متورطين في أعمال عنف.
السياق السياسي بعد انقلاب السيسي وتأثير الحادثة
تأتي هذه الحادثة في سياق تشديد القبضة الأمنية بعد انقلاب 3 يوليو 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وفرض نظام عبد الفتاح السيسي الذي اتسم بقمع واسع لجماعة الإخوان وأي معارضة سياسية.
اغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو 2015، وهو أحد أبرز رموز النظام القضائي الانقلابي، كان ذريعة لتعزيز الإجراءات الأمنية والتصعيد ضد الإخوان، حيث ربطت السلطات بين الضحايا وحادث الاغتيال، ما عزز من حملة الاعتقالات والتصفية التي طالت عشرات من قيادات وأعضاء الجماعة.
الواقعة أثارت انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، التي وصفتها بأنها "قتل خارج القانون" و"انتهاك صارخ لحقوق الإنسان".
كما أبرزت حالة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية في مصر، والتي تستغل حالة الطوارئ الأمنية لتصفية المعارضين السياسيين.
هذه الحادثة أصبحت رمزًا للانتهاكات التي تعرض لها الإخوان بعد انقلاب السيسي، وأدت إلى مزيد من عزلة مصر دوليًا في ملف حقوق الإنسان، رغم محاولات النظام التغطية عليها بروايات أمنية.
ذكرى مؤلمة في ظل حكم الانقلاب العسكري
تظل هذه الحادثة شاهدة على حجم القمع السياسي والإجراءات الأمنية القاسية التي اتخذها النظام ضد خصومه، مع غياب أي تحقيق مستقل أو مساءلة حقيقية، في ظل هذا الواقع، تبقى هذه الذكرى مؤلمة لعائلات الضحايا ولمن يؤمنون بحقوق الإنسان والعدالة في مصر، حيث يستمر النظام في قمع المعارضة وتكميم الأفواه تحت ذريعة مكافحة الإرهاب والأمن القومي.