في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت وزيرة التنمية المحلية في حكومة الانقلاب العسكري في مصر عن استضافة مدينة الإسكندرية لفعاليات يوم المدن العالمي في 31 أكتوبر المقبل، وسط احتفاء رسمي وتصريحات عن "فرص استثمارية وتنموية واعدة"، بينما تعاني المدينة الساحلية من تهالك البنية التحتية، وغرق الأحياء، وتفشي الفساد الإداري.

 

ما هو يوم المدن العالمي (World Cities Day)؟!

يوم المدن العالمي (World Cities Day) هو يوم دولي تحتفل به الأمم المتحدة في 31 أكتوبر من كل عام، ويهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول لمواجهة تحديات التحضر المستمر، ودعم التنمية الحضرية المستدامة.

أُطلق يوم المدن العالمي لأول مرة في عام 2014، ويأتي ختامًا لشهر "أكتوبر الحضري"، الذي يبدأ بـ "اليوم العالمي للموئل" (أول يوم إثنين من أكتوبر)، ويُختتم بيوم المدن العالمي، وتقوده برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية  (UN-Habitat)

 

أهدافه:

  1. رفع الوعي العالمي حول التحديات الناتجة عن التحضر السريع.
  2. تعزيز التنمية الحضرية المستمرة.
  3. تشجيع التعاون بين الدول والمدن لمواجهة قضايا مثل: الفقر الحضري، التغير المناخي، الإسكان اللائق، النقل والبنية التحتية، العدالة الاجتماعية في المدن.

 

شعارات يوم المدن العالمي:

  • يختار البرنامج شعارًا مختلفًا كل عام، يركّز على قضية حضرية ملحّة، مثل:
    • "تعزيز القدرة على الصمود في المدن"
    • "الابتكار من أجل حياة حضرية أفضل"
    • "العمل المناخي في المدن"

 

أهمية اليوم في العالم العربي:

المدن العربية تواجه تحديات خاصة مثل: التوسع العمراني العشوائي، وأزمة السكن، وضعف البنية التحتية، والفقر والبطالة، لذلك يعدّ يوم المدن العالمي فرصة للتفكير في تخطيط عمراني أكثر عدلاً واستدامة.

 

مفارقة.. مدينة تغرق وتُحتفل بها

مدينة الإسكندرية، التي كانت يومًا لؤلؤة البحر المتوسط، تُعاني سنويًا من كوارث الغرق عند أول نوة شتوية، نتيجة الإهمال المزمن في تطوير شبكات الصرف ومياه الأمطار، وهو ما فضحته مئات الصور والفيديوهات التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي.
في المقابل، تُنفق الملايين الآن على فعاليات أممية للاحتفال بـ"التنمية الحضرية المستدامة"، في مدينة أصبحت نموذجًا لانعدام التخطيط وسوء الإدارة.

 

استثمار بلا أساس

بالتزامن مع إعلان الاستضافة، عقد رئيس هيئة الاستثمار في حكومة الانقلاب لقاءات مع وفود دولية، متحدثًا عن "الفرص الواعدة في المدن المصرية".

لكن واقع الحال يكذب هذا الخطاب؛ إذ تشير تقارير اقتصادية إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعت بنسبة 29% في العام المالي 2022/2023، بسبب غياب الشفافية، وتفشي البيروقراطية، واستحواذ الأجهزة السيادية على المشروعات الكبرى.

 

ما جدوى يوم المدن العالمي؟

يُفترض أن يوم المدن العالمي يدعو إلى تنمية حضرية شاملة ومستدامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية في المدن، لكن كيف يتحقق ذلك في ظل:

  • نظام عسكري يستأثر بقرارات التخطيط العمراني
  • ملايين المواطنين يعيشون في عشوائيات تفتقر لأبسط مقومات الحياة
  • مشروعات التجميل والواجهات تغطي على انهيار الخدمات الأساسية
  • الاحتفال في هذه الظروف يبدو مجرد ورقة تزيين لتجميل وجه قبيح.

 

فساد حكومي عابر للوزارات

تاريخ حكومة الانقلاب مع "التنمية المحلية" مثقل بالفساد:

  • في ديسمبر 2023، أحال جهاز الكسب غير المشروع عشرات المسؤولين بالمحليات إلى المحاكمة بتهم التربح وتسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة.
  • لا تزال مشاريع تطوير الأسواق والمواقف والمرافق متوقفة أو غير مكتملة رغم مليارات الجنيهات المرصودة لها.

فكيف يمكن الوثوق بحكومة كهذه لتمثل مصر في "التنمية الحضرية" أمام الأمم المتحدة؟

 

المواطن يدفع الثمن..

في النهاية، لا تعني استضافة "يوم المدن العالمي" للمواطن السكندري شيئًا، فهو لا يرى إلا الشوارع المكسرة، وانقطاعات الكهرباء، والأحياء التي تغرق بمياه الصرف، بينما تُستغل المناسبة في تصدير صورة زائفة عن "نهضة عمرانية"، يعلم الجميع أنها حكر على طبقة محظوظة من المنتفعين ومصالح الكبار.

 

مناسبة لا تستحق الاحتفال

بدلًا من الاحتفال، كان الأجدر أن تقدم حكومة الانقلاب كشف حساب شفاف عن مشاريعها في الإسكندرية، وأين ذهبت أموال التطوير، ولماذا ما زال سكان المدينة يخشون موسم الأمطار؟!

أما أن تتحول مناسبة أممية إلى عرض دعائي للنظام الفاشل، فتلك مأساة لا تليق بتاريخ الإسكندرية ولا بمطالب أهلها.