منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، الذي قاده عبد الفتاح السيسي، شهدت البلاد تغييرات جذرية في السياسات الداخلية، شملت تضييقًا على الحريات العامة وتنظيمًا صارمًا لأنشطة المواطنين، بما في ذلك أداء مناسك العمرة.

تحت هذا النظام الانقلابي، أصبحت إجراءات أداء العمرة أكثر تعقيدًا، حيث فرضت وزارة السياحة ضوابط جديدة تهدف ظاهريًا إلى تنظيم الرحلات وحماية المعتمرين، لكنها في الواقع تمثل ضغطًا إضافيًا على المصريين في أداء شعائرهم الدينية.

 

الضوابط الجديدة لوزارة السياحة لأداء العمرة

أعلنت وزارة السياحة والآثار بحكومة الانقلاب عن ضوابط جديدة لموسم العمرة 1447هـ، تضمنت تحصيل قيمة برامج العمرة بالجنيه المصري فقط، وهو ما يحد من التعاملات المالية بالدولار أو العملات الأجنبية، ويزيد من العبء المالي على المواطنين.

كما تم إلزام شركات السياحة بتسجيل خمسة مشرفين سياحة دينية على الأقل، من بينهم ممثل قانوني، بدلاً من مشرفين اثنين في المواسم السابقة، مع ضرورة وجود مشرف معتمد لكل 50 معتمرًا لضمان رقابة أشد على الرحلات.

 

شروط السكن والتنقل للمعتمرين

تضمنت الضوابط الجديدة شروطًا صارمة للسكن، حيث يجب أن يكون السكن المعتمد للمعتَمرين في مكة المكرمة على بعد لا يزيد عن 3000 متر من الحرم المكي، مع توفير وسائل نقل إذا تجاوزت المسافة 1250 مترًا.

أما في المدينة المنورة، فيشترط ألا يبعد السكن أكثر من 1200 متر عن الحرم النبوي، وأن يكون في شارع رئيسي ومناطق خدمات قريبة.

كما فرضت الوزارة شروطًا على رحلات العمرة البرية، منها ألا يقل موديل السيارة عن عام 2020، والتأكد من صلاحيتها الفنية والتزام السائقين بالشروط المطلوبة.

 

الإجراءات الإدارية والرقابية المشددة

تتطلب الضوابط تقديم شهادات صحية وإقرارات طبية من المعتمرين قبل السفر، تنفيذًا للاشتراطات الوقائية، ما يزيد من الإجراءات التعقيدية.

كما ألزمت الوزارة شركات السياحة بتوثيق العقود إلكترونيًا، وإرسال رسائل نصية للمعتمرين تحتوي على تفاصيل البرنامج ورابط العقد، بهدف فرض رقابة إلكترونية مشددة على كل خطوة في رحلة العمرة.

كما حذرت الوزارة من التعامل مع الوسطاء أو الكيانات غير المرخصة، وأعلنت عن حملات توعوية ورقابية لمنع الإعلانات الوهمية.

 

لماذا تضغط الوزارة على المصريين بدلًا من تسهيل أداء العمرة؟

رغم أن أداء العمرة من الشعائر الدينية التي يتطلع إليها ملايين المصريين، إلا أن هذه الضوابط المشددة تزيد من تعقيد الإجراءات وتكلفة الرحلات، مما يضع عبئًا إضافيًا على المواطنين الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة في ظل حكم السيسي. يبدو أن الهدف من هذه السياسة ليس التسهيل، بل فرض رقابة صارمة وتحكم كامل في حركة المصريين، وربما استغلال تنظيم العمرة كأداة مالية وسياسية، بدلًا من تسهيل أداء الشعيرة.

 

ضوابط مشددة في ظل نظام سلطوي

تأتي هذه الضوابط الجديدة ضمن إطار سياسة نظام السيسي الانقلابي الذي يفرض قيودًا على الحريات ويستخدم الإجراءات التنظيمية كأدوات للسيطرة على المواطنين. فرض تحصيل القيمة بالجنيه فقط، زيادة عدد المشرفين، تحديد السكن بمسافات قريبة من الحرم، وتفعيل منظومة إلكترونية للرقابة، كلها إجراءات تضغط على المصريين بدلًا من تسهيل أداء مناسكهم الدينية، في ظل هذه السياسة، يبقى أداء العمرة تحديًا إضافيًا يواجهه المواطن المصري في ظل نظام يركز على السيطرة والرقابة أكثر من خدمة المواطنين وحقوقهم الدينية.