في الثلاثين من يونيو عام 2013، خرج رجال الشرطة والجيش في المظاهرات إلى جانب البلطجية بدعوى "إنقاذ الدولة" من حكم أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي. حينها، هللت وسائل الإعلام وباركت "الثورة"، مدعومة بدفع مباشر من مؤسسات الدولة العميقة وبعض العواصم الخليجية. وبعد مضي 12 عاماً، يعيش المصريون في واقع مغاير تماماً لما وُعِدوا به؛ واقع يتسم بالفقر، والديون، والانتحار، والانهيار الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي.

 

"احتفالات رسمية.. ومآتم شعبية"

في الوقت الذي احتفل فيه الإعلام الرسمي بذكرى "30 يونيو"، غرقت مصر في حزنٍ عميق على مقتل 18 فتاة من قرية في محافظة المنوفية، خلال توجههن للعمل في جني العنب مقابل 130 جنيهاً يومياً، الحادث المؤلم أعاد إلى الواجهة مأساة الطرقات المتهالكة، وأوضاع الفقر المدقع التي دفعت فتيات صغيرات إلى سوق العمل القاسي.

🎥 رابط الفيديو المرتبط بالحادث:
https://www.facebook.com/reel/717179177720859

الطريق الذي شهد الحادث كان قد افتتحه عبد الفتاح السيسي بنفسه عام 2018، بعد أن تم بناؤه على عجل. ومنذ ذلك الحين، تكرر فيه عدد من الكوارث المروعة، أبرزها مقتل 18 شخصاً عام 2020.

 

"انهيار الجنيه.. وارتفاع الأوهام"

تتفاخر الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور من 1200 إلى 7000 جنيه شهرياً، لكن الحقيقة أن القيمة الفعلية للأجور تراجعت بشكل كارثي. ففي 2014 كان الحد الأدنى 170 دولاراً، أما اليوم، فهو يعادل نحو 140 دولاراً فقط.

📌 رابط تعليق النائب السابق طلعت خليل:
https://www.facebook.com/tl.t.khlyl.339640/posts/10040696632652660

منذ 2013، فقد الجنيه المصري 85.7% من قيمته أمام الدولار، وهبط من 7.15 إلى أكثر من 50 جنيهاً، بالتزامن مع تضاعف الدين الخارجي أربع مرات من 43.2 مليار دولار إلى 155.2 مليار دولار حتى منتصف 2025.

 

"من الطائرة إلى المقبرة: مفارقة مؤلمة"

يعيش المصريون اليوم انقساماً طبقياً فاضحاً. ففيما كانت الفتيات الفقيرات يصارعن للبقاء مقابل جنيهات معدودة، يحلق الأثرياء بالطائرات الخاصة إلى العلمين والساحل الشمالي، حيث تصل تكلفة الفرد إلى 80 ألف جنيه.

 

"إنفاق على الواجهة.. وموت في القاع"
رغم الأزمة الاقتصادية، تستمر الدولة في الإنفاق على مشروعات ضخمة كالعاصمة الإدارية الجديدة (بتكلفة 59 مليار دولار)، والقطار الكهربائي (544 مليار جنيه)، والمونوريل (26 مليار جنيه)، بينما تصل ميزانية البرلمان بغرفتيه (النواب والشيوخ) إلى 2.3 مليار جنيه سنوياً، في وقت لا يتجاوز فيه معاش 80% من المتقاعدين 3 آلاف جنيه شهرياً.

 

"رفع الدعم.. خنق الفقراء"

ارتفعت أسعار الوقود 11 مرة منذ عام 2014 وحتى أبريل 2025، ليصل بنزين 80 إلى 15.75 جنيهاً، وغاز الطهي إلى 200 جنيهاً للأسطوانة، في إطار التزام الحكومة بشروط صندوق النقد الدولي مقابل قروض بلغت 28.17 مليار دولار منذ 2016.

🔗 رابط منشور للحقوقي هيثم أبو خليل حول الأسعار:
https://www.facebook.com/haythamabokhalil/posts/24334375916154492

كما شهدت أسعار الدواء قفزات كارثية في أعوام 2015، و2017، و2024، وهو ما زاد من معاناة المصريين مع تراجع الخدمات الصحية.

 

"قتل للحياة.. لا للإرهاب"

منذ انقلاب 30 يونيو، قُمعت الحريات وتمّ تفكيك الأحزاب السياسية، وحُظرت الجمعيات الأهلية. أكثر من 1047 منظمة أُغلقت، بينما تراجعت مصر في مؤشر مدركات الفساد من المرتبة 114 (2013) إلى 130 (2024)، وسط بيئة من غياب الرقابة واستشراء الفساد والإفلات من العقاب.

ولم تتوقف الكوارث عند القمع، بل امتدت إلى الانتحار نتيجة الفقر والضغط النفسي. ففي عام 2016، سُجلت 3800 حالة انتحار، وانخفض الرقم إلى 2584 عام 2021، لكنه عاد ليرتفع إلى 322 حالة في 2024.

 

"شهادات من الداخل"

الباحث محمد فخري، قال إن ما جرى منذ "30 يونيو" كان تدميراً ممنهجاً لمقومات الدولة. وأضاف: "لم يتخيل أحد أن يصل الشعب المصري إلى هذا المنحدر من الإفقار والتجريف والهيمنة العسكرية المطلقة".

وأكد أن الدولة فقدت تأثيرها في ملفاتها التاريخية مثل "القضية الفلسطينية" و"نهر النيل"، بالتوازي مع استنزاف الشعب في قروض ومشاريع بلا جدوى تنموية.

 

"شهادات اقتصاد وسياسة: تخريب وإفقار"

أحمد جاد، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، قال إن مصر أصبحت ضحية لتخطيط خارجي، ودعم إماراتي وسعودي لـ"30 يونيو" من أجل القضاء على التجربة الديمقراطية.

وأشار إلى اختفاء الطبقة المتوسطة، وتفشي الجوع والفقر، قائلاً: "600 ألف معتقل وسجناء رأي، وفقدان مئات الآلاف من الأسر لأعزّائهم، والواقع أن مصر بعد 30 يونيو أصبحت مقبرة للأمل والعدالة".

وأضاف: "الجيش يسيطر على الاقتصاد، حتى مزارع الأسماك يديرها الجنرالات، بينما يمنع الصيد في بحيرة البردويل، وتُستورد الأسماك من تايلاند!"

وأكد أن ما يجري هو "تخريب متعمد وممنهج، هدفه الإبقاء على المصريين في حالة خضوع تام لأنظمة خارجية".