تواجه دول شمال أفريقيا تحديات متزايدة مع استمرار الحرب بين إيران وإسرائيل، إذ تتفاوت آثار الصراع على هذه الدول حسب قربها وعلاقاتها الإقليمية.

تعتبر مصر واحدة من الدول التي تواجه مصالح استراتيجية كبيرة في هذا الصراع. تواجه القاهرة نقصًا في الطاقة بسبب توقف إسرائيل عن ضخ الغاز الطبيعي. منذ 13 يونيو، أغلقت حقولا الغاز الإسرائيلية "ليفياثان" و"كاريش" التي كانت توفر حوالي 20% من استهلاك مصر من الغاز. أجبرت هذه الأزمة مصر على البحث عن مصادر بديلة للطاقة، مع وعد حكومة عبد الفتاح السيسي بعدم تكرار انقطاعات الكهرباء الكارثية التي ضربت البلاد العام الماضي. بعد ساعات قليلة من اندلاع الحرب، أعلن وزير البترول كريم بدوي خطة لاستخدام أنواع وقود ذات جودة منخفضة مثل الديزل والمازوت لسد الفجوة، لكن هذه الخطة تواجه صعوبة في الاستمرارية دون خفض الطلب على الطاقة.

كانت مصر تصدر الغاز المسال لكنها لم تعد قادرة على توفير الكهرباء الكافية لسكانها المتزايدين. تعتمد البلاد على الغاز لتوليد حوالي 90% من الكهرباء لكنها تنتج فقط نحو 5.7 مليار قدم مكعب، وهو أقل من حاجتها. ومع تزايد عدد السكان الذي بلغ 114.5 مليون نسمة وارتفاع درجات الحرارة عالميًا، أصبحت فصول الصيف أكثر صعوبة مع انقطاعات يومية متكررة في الكهرباء.

ازداد الوضع سوءًا منذ اندلاع حرب غزة وإسرائيل في 2023 بسبب اعتماد مصر على واردات الغاز من إسرائيل. أدت الانقطاعات المتكررة، خاصة في أوقات ذروة استهلاك الكهرباء، إلى تعطيل الأعمال وحياة المواطنين، مما زاد الضغط على اقتصاد هش كان على وشك التخلف عن السداد قبل اتفاق صندوق النقد الدولي في مارس 2024. رغم استئناف إسرائيل تصدير كميات صغيرة من الغاز من حقل "تمار"، فإنها لا تكفي لتخفيف الأزمة، مما يدفع مصر للبحث عن مصادر أخرى خوفًا من الاعتماد المفرط على الغاز الإسرائيلي.

تحاول القاهرة إيجاد حلول في أماكن غير متوقعة. أجرت مصر محادثات مع قطر، أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم، بدأت قبل اندلاع الحرب. استأنف وزير البترول المصري كريم بدوي الحوار مع نظيره القطري في مايو 2025 لاستكشاف مشاريع مشتركة في الغاز الطبيعي، تشمل استثمارات ونشاطات استكشافية، فضلاً عن تعزيز وجود الشركات المصرية في السوق القطري.

علاقات مصر وقطر شهدت توترات تاريخية. في 2017، انضمت مصر إلى دول عربية في حصار قطر بدعوى تمويلها لقوى المعارضة. انتهى الخلاف في 2021 عندما وقعت مصر مع دول الخليج إعلان العلا وأنهت الحصار، وأعيدت العلاقات الدبلوماسية. يبقى المستقبل غير واضح، لكن هناك تفاؤل بتحسن العلاقات.

أما تونس وليبيا، فتبدو معزولة نسبيًا عن تأثيرات الصراع المباشرة. علاقات تونس بإيران محدودة وتعتمد على موقف مشترك ضد الغرب أكثر من أي روابط أيديولوجية أو اقتصادية أو أمنية. كذلك لا تقيم تونس علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. لذلك، يتوقع أن يكون تأثير الحرب على تونس محدودًا.

على غرار تونس، لا تخضع ليبيا لتأثيرات كبيرة، بسبب عدم وجود علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وصلات ضعيفة مع إيران. رغم لقاءات سرية في 2023 بين وزيري خارجية البلدين، لا توجد علاقات رسمية. من جانبها، لم تتدخل إيران مباشرة في النزاع، مما يعني أن الحكومة الليبية الموحدة وبرلمان طبرق لن يتأثرا بشكل كبير بنتائج الحرب.

في المقابل، قد تشهد المغرب والجزائر تقلبات في مواقعهما الإقليمية بناءً على تطورات الصراع. تتنافس الدولتان على النفوذ في منطقة الصحراء الغربية، حيث تدعي المغرب السيادة عليها بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال. تثار شائعات عن محاولات إيران للتغلغل في البوليساريو لتعزيز نفوذها عبر الجماعات الوكيلة في المنطقة، لكن الجبهة تنفي هذه الادعاءات. في حال صحة هذه المزاعم، سترحب المغرب، التي وقعت اتفاقات أبراهام عام 2020 وانحازت للغرب، بانهيار النظام الإيراني. أما الجزائر، فستنظر إلى هذه التحركات بريبة وحذر.

باختصار، يعاني شمال أفريقيا من تأثيرات متفاوتة نتيجة حرب إيران وإسرائيل، حيث تتعامل كل دولة وفق وضعها الجيوسياسي والاقتصادي، ما يجعل المنطقة على أهبة الاستعداد لتغيرات قد تعيد رسم خرائط النفوذ والصراعات الإقليمية.

https://www.geopoliticalmonitor.com/how-the-iran-israel-war-impacts-north-africa/