في ظل تصاعد الجدل حول تعديلات مرتقبة لقانون الإيجار القديم، وهي قضية تمس ملايين المصريين من المستأجرين والملاك، وتثير انقسامًا واسعًا في الرأي العام والدوائر القانونية، يبدو أن الحكومة أعلنت موقفها مبكرا بالوقوف مع المالكين وقمع المستأجري وظهر ذلك جليا بإقدام الأمن على اعتقال المحامي أيمن عصام الدين، الموكل عن عدد من المستأجرين المتضررين من تعديلات قانون الإيجار القديم، وموثوله أمام جهات التحقيق، ووجهت له النيابة اتهامًا بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وتم حبسه 15 يوما.
 

سيبوا الناس تتنفس شوية
   
وكان المحامي الحقوقي خالد علي قد علق على الواقعة، معربًا عن قلقه إزاء مصير عصام، الذي لم يُعرف مكانه طوال اليومين الماضيين.
وقال في منشور عبر صفحته: “أتمنى أن تكون الأخبار المتداولة بشأن القبض عليه غير حقيقية، لأنه لا يُعقل أن يكون الحل في القضايا التي تهم المجتمع هو القبض على بعض الناس لفرض وجهة نظر معينة وشيطنة الرأي الآخر. سيبوا الناس تتنفس شوية".
وأشار علي إلى أن أيمن عصام لم يكن سوى محامٍ يُعبّر عن موقف قانوني مختلف، ويترافع عن مستأجرين ضمن نزاع مجتمعي مشروع حول قانون مثير للجدل.

من جانبه، أكد المحامي طه البيه الجنادي أن التحقيق مع أيمن عصام جرى السبت، وأن الاتهام الذي وُجه له يتعلّق بالانضمام إلى جماعة إرهابية.

وأضاف الجنادي: “مش معقول أن يبقى دائمًا الحل في مواجهة أي وجهة نظر مختلفة للدولة هو القبض والحبس. سيبوا الناس تعبر عن رأيها، سيبوا الناس تطالب بحقوقها. نتمنى قرارًا عاقلًا بالإفراج عن أستاذ أيمن في أقرب وقت.”
 

الحكومة ترهب المستأجرين تمهيدا لطردهم
   
ومن جهته أعلن حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) رفضه القاطع لما تقوم به الحكومة  في ملف الإيجار القديم، معتبرًا أن المشروع الحكومي الجديد يمثل تهديدًا مباشرًا لحقوق ملايين المستأجرين، ويهدف إلى ترهيبهم تمهيدًا لتشريدهم.

ويرى الحزب أن إصرار الحكومة على تمرير نفس مشروع القانون السابق، الذي يتضمن فترة انتقالية قبل فسخ العقود وزيادة في الأجرة تصل إلى 20 ضعفًا مرة واحدة، يمثل مخالفة واضحة لأحكام المحكمة الدستورية العليا، خصوصًا حكم عام 2002 الذي أقر الامتداد القانوني لعقد الإيجار لجيل واحد بعد المستأجر الأصلي.

ويحذر الحزب من أن الزيادة المقترحة غير عادلة وتعجيزية، خاصة بالنسبة للمستأجرين الذين وُقّعت عقودهم في الثمانينيات والتسعينيات، كما أن الزيادة السنوية بنسبة 15٪ لمدة سبع سنوات قبل فسخ التعاقد تُحمّل المستأجرين أعباء غير محتملة، دون مراعاة للعدالة الاجتماعية أو القدرة الاقتصادية للمواطنين.

ويؤكد حزب العيش والحرية أن السلطة بدأت في كشف وجهها القمعي عبر سياسات ترهيب المدافعين عن حقوق المستأجرين، والتي تجلّت في الأحداث التي وقعت يوم الخميس الماضي في مقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالإسكندرية، حيث كان من المقرر عقد اجتماع لتدشين رابطة المستأجرين على مستوى الجمهورية.
وقد فرضت قوات الأمن طوقًا أمنيًا حول المقر، ومنعت المواطنين من الوصول إليه، وروّجت شائعات لتشويه الاجتماع، في انتهاك واضح للحق في التنظيم وحرية التعبير.

ويطالب الحزب بضرورة الإفراج الفوري عن الأستاذ أيمن عصام، ووقف الملاحقات الأمنية للمدافعين عن حقوق السكن. والتوقف عن سياسة الترهيب والتخويف التي تمارسها السلطة لإسكات الأصوات المعارضة.

ويرفض الحزب استخدام الحكومة والبرلمان لحكم المحكمة الدستورية المتعلق بثبات الأجرة كذريعة لتمرير مشروعاتها العمرانية والاقتصادية، التي تستهدف مصالح ملايين المستأجرين لصالح فئات محدودة من المستثمرين.
ويؤكد على أن الحق في السكن الآمن والمستقر هو حق دستوري وإنساني لا يمكن التفريط فيه، وأن سياسات التشريد والقمع لن تمر في صمت.

وتفاقمت الأزمة بالقبض على الأستاذ أيمن عصام، المحامي والمستشار القانوني للرابطة، والذي انقطع الاتصال به منذ مساء الخميس، حتى تبيّن عرضه على نيابة أمن الدولة العليا السبت الماضي، وحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، بحسب ما أعلنه عدد من المحامين الحاضرين.

وشهد الشارع المصري حالةً من الغضب بسبب مواد المشروع المقترح من الحكومة، الذي كان يقضي بإنهاء عقود الإيجارات السكنية القديمة بعد مرور خمس سنوات من تاريخ سريان القانون.
بينما نص المشروع الجديد على تمديد فترة إنهاء العقود إلى سبع سنوات، في ما يخص الأماكن المؤجرة لغرض السكن، والإبقاء على مدة الخمس سنوات للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكن.

وجاء التعديل وسط مخاوف حكومية من أن يسبب صدور القانون حالة اضطراب اجتماعي، بسبب الخلافات العميقة بين الملاك والمستأجرين حول إيجارات نحو ثلاثة ملايين وحدة سكنية وتجارية على امتداد البلاد.
ونص المشروع، بعد تعديله، على زيادة القيمة الإيجارية الشهرية للأماكن المؤجرة لغرض السكن في المناطق المتميزة بواقع 20 مثلاً، بحد أدنى 1000 جنيه ، و10 أمثال للوحدات الكائنة في المنطقتين المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 جنيه في المناطق المتوسطة، و250 جنيهاً للوحدات الكائنة في المناطق الاقتصادية.

ومن المتوقع أن يؤدي صدور قانون الإيجارات القديمة، في شكله الجديد، إلى موجة احتجاجات شعبية، خاصةً في الأحياء القديمة والمكتظة بالسكان في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية.
ويعيش الملايين من المصريين في وحدات مستأجرة بعقود قديمة تمتد لعقود طويلة، بأجور زهيدة لا تواكب أسعار اليوم، لكنها تمثل الملاذ الوحيد لهؤلاء من الفقر والتشرد.

يشار إلى أنه  زفي اطار دعم الحكومة لللاك، استضاف فندق الماسة التابع للقوات المسلحة مؤتمرا لمجموعة من ملاك العقارات لقديمة، وهو ما يعتبره مراقبون انحيازا فجا من الحكومة...على حساب المستأجرين.