تتواصل التحليلات والقراءات لما يجري من ضرباتٍ متبادلةٍ وغيرُ مسبوقةٍ بين دولة الكيان الصهيوني وإيران، منذ بدء تل أبيب هجماتٍ مفاجئةٍ ضدّ طهران منذ ثمانية أيام، وأسفرت عن اغتيال شخصياتٍ عسكريّةٍ وأمنيّةٍ كبيرةٍ وعلماء وأساتذة جامعات في إيران، فيما تمكنت طهران تمكّنت من استيعاب تلك الضربة وردّ الصاع صاعيْن، وأثبتت بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ الدفاعات الإسرائيليّة والأمريكيّة عاجزة عن صدّ الصواريخ التي تُطلَق باتجاه عمق دولة الاحتلال.
ووسط عجز نتنياهو وتوسلاته لواشنطن، تتجّه الأنظار إلى الولايات المتحدة وترامب ودورهما إزاء التصعيد المشتعل بين الاحتلال وإيران، وإنْ كانت ستشارك في الهجمات الإسرائيليّة بشكل وجودي ورسمي أمْ سيكون لها دورٌ في نزع فتيل الحرب ووقف توسعها.
لكن نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله، الجمعة إن دخولالولايات المتحدة المحتمل سيكون بأستخدام أسلحة نووية تكتيكية في إيران ما يعد تطوراً كارثياً، وجاء تصريح بيسكوف تعليقاً على ما وصفها بتقارير إعلامية تتكهن بهذا الاحتمال.
حرب متعددة الأطراف
ويرى العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي دوغلاس ماكجريجور، أن دخول أمريكا الحرب بشكل رسمي سيترتب عليه حرب متعددة الأطراف، فإنّ “روسيا والصين وباكستان ومعظم دول العالم الإسلامي تحشد دفاعًا عن إيران، وتتدفق الإمدادات والمعدات والمساعدة التقنية لإيران“.
وتابع: “أهدرت واشنطن 12 تريليون دولار في الشرق الأوسط منذ عام 2003، والنتيجة كانت عبارة عن 7 آلاف قتيل أمريكي و50 ألف جريح وحدود مفتوحة”، مؤكِّدًا أنّ “الديون الأمريكية بلغت 37 تريليون دولار، وهو مبلغ لا يشمل ما يسمى ديون الوكالة“.
ومضى قائلاً: “صوّت 77 مليون أمريكيّ للرئيس ترامب لأنّه وعد بإنهاء الصراعات الخارجيّة ووقف الزحف نحو الحرب العالمية الثالثة”، مشددًا على أنّه “لم يتغيّر تفويض ترامب، والمتمثل في تأمين حدود أمريكا وموانئها ومياهها الساحلية، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين“.
خسائر بترولية
وحذر من ضربةٍ إسرائيليّةٍ تستهدف جزيرة(خارج) الإيرانية والتي يتدفق منها حوالي 90 بالمائة من صادرات النفط الإيرانية، متوقعًا أنْ تقوم إيران بإغلاق (مضيق هرمز)، ما يمثل 20 بالمائة من إمدادات النفط العالمية، وهذا يعني تعطل سلاسل التوريد وتضخمًا جامحًا.
هل تدخل أمريكا الحرب؟
وتساءل: “هل تستطيع إسرائيل التي بدأت هذه الحرب الجنونية، جرّ الأمريكيين إلى صراعٍ إقليميٍّ أوسع نطاقًا قد يشعل حربًا نوويّةً؟”، منوهًا إلى أنّ أمريكا لديها 40 ألف جندي في الإمارات وقطر وعبر الخليج العربي، وهم أهداف سهلة المنال.
ورأى أنّ “التكلفة الباهظة للمشاركة الأمريكية في الهجمات الإسرائيلية ضد إيران، ستؤدي إلى نفاد المخزون الأمريكيّ من الصواريخ، وعودة الأمريكيين إلى ديارهم في صناديق“.
وشدد ماكجريجور على أنّ الشرق الأوسط على شفا الهاوية، لذلك يجب على الولايات المتحدة أنْ تعمل على نزع فتيل الصراع، من خلال خمس خطوات، الأولى تتعلق بطلب عقد اجتماعٍ طارئٍ لمجلس الأمن، وطلب وقف إطلاق نار فوري، مع التأكيد على معارضة واشنطن لتدمير إيران وإسرائيل وأي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أنّ الخطوة الثانية تتمثل في مطالبة إسرائيل بوقف قتل الفلسطينيين في غزة، وسحب قواتها من غزة والضفة الغربية، وأنْ يتم تشكيل قوات من دول عدم الانحياز لمراقبة الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية، إلى جانب عقد مؤتمر سلام بين الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند والبرازيل للتحكيم في النزاع بين إسرائيل وإيران والمنطقة.
واختتم قائلاً: “لقد قدت جنودًا أمريكيين تحت نيران العدو. رأيتُ الكثير من التوابيت المغطاة بالأعلام. لا أريد أن أرى المزيد”، مشددًا على أنّ “أمريكا أولاً تعني أمريكا أولاً. لا إسرائيل أولاً. لا أوكرانيا أولاً. لا الناتو أولا“.
في السياق عينه، قال المُحلِّل الإسرائيليّ أوري مسغاف، في صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّه “ْلا أحد يضمن أنْ نصل إلى (ما بعد الحرب) مع إيران، حتى في غزة نحن غارقون منذ 622 يومًا، دون خطةٍ خروج، الجنود يُقتلون، والأسرى متروكون، والقذائف والرصاص الإسرائيليّ يقتل يوميًا مدنيين وأطفال جياع يندفعون بكلّ ما تبقى لديهم من قوة نحو شاحنات الدقيق”.
وفي وقت سابق، أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه ضرب خلال الليل عشرات الأهداف العسكرية في طهران، لا سيما ما وصفه بأنه «مركز أبحاث وتطوير لمشروع الأسلحة النووية الإيراني»، في اليوم الثامن من الحرب بين إيران وإسرائيل.
وذكر الجيش في بيان أنه «نفذ سلسلة ضربات في قلب طهران، أصيبت عشرات الأهداف بما فيها مواقع لإنتاج الصواريخ العسكرية ومقر منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية المكلفة بالبحث وتطوير برنامج الأسلحة النووية الإيراني».
في المقابل، سقط صاروخ أطلقته إيران في بئر السبع جنوب إسرائيل، صباح الجمعة، واندلعت النيران في الكثير من السيارات المركونة أمام أحد المباني والذي تعرض بدوره لأضرار كبيرة.
ودوت صفارات الإنذار في مناطق جنوب إسرائيل بعد وقت قصير من رصد الهجوم، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط عدد من الجرحى.
وأفادت شبكة «سي.إن.إن» باندلاع حريق بالقرب من مبنى مايكروسوفت في بئر السبع في إسرائيل بعد الهجوم الإيراني. وتداولت منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر حريقاً نشب قيل إنه في مكان سقوط الصاروخ واحتراق العديد من السيارات المركونة في المكان عقب إطلاق الصواريخ من إيران، بما في ذلك في بئر السبع ونيفاتيم ورهط. كما تضررت مبانٍ قرب مكان الحريق بعد سقوط الصاروخ الإيراني، حسب مشاهد متداولة.