في تصعيد خطير للحرب السودانية المستعرة منذ أكثر من عام، انتقلت المعارك إلى عمق الصحراء عند المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، حيث سيطرت قوات الدعم السريع المدعومة من الاحتلال الإماراتي على مواقع استراتيجية، أبرزها المثلث ومنطقة كرب التوم، في تحرك يفتح جبهة جديدة بالغة الخطورة تهدد الشمال السوداني وتمتد بتداعياتها إلى ما وراء الحدود.
الصحراء تشتعل.. "الدعم" تصل إلى بوابة الشمال
بعد معارك طاحنة أجبرت الجيش السوداني على التراجع، تمكنت قوات الدعم السريع يوم 11 يونيو من إحكام قبضتها على المثلث الحدودي الصحراوي، المنطقة التي تلتقي فيها حدود السودان مع ليبيا ومصر، والتي تشكل شرياناً استراتيجياً للتجارة والتهريب وخطوط الإمداد العسكري.
وسيطرت "الدعم" بعد أيام قليلة على منطقة كرب التوم، الواقعة شمال غرب شمال دارفور وعلى تخوم الولاية الشمالية، ما شكل اختراقاً ميدانياً خطيراً نحو العمق الشمالي للبلاد.
وتداولت حسابات تابعة للمليشيا مقاطع مصورة لمقاتلين يعلنون السيطرة على المنطقة، مؤكدين استيلاءهم على أسلحة وذخائر، في حين توعد أحدهم بالتوجه إلى دنقلا عاصمة الولاية الشمالية.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن هذه التحركات تمت بتنسيق ودعم مباشر من قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من الاحتلال الإماراتي، ما أثار استنكار الحكومة السودانية التي وصفت الهجوم بأنه "اعتداء سافر على السيادة الوطنية".
كرب التوم.. شريان صحراوي ومفتاح استراتيجي
تتمتع كرب التوم بأهمية جغرافية استثنائية، فهي حلقة الوصل بين دارفور وشمال السودان، وبوابة نحو ليبيا عبر طرق برية تخترق قلب الصحراء.
كما تحتوي على مركز جمركي وتتجمع فيها الشاحنات القادمة من الغرب الليبي، مما يمنحها أهمية اقتصادية وعسكرية مزدوجة.
وجود "الدعم السريع" في هذه النقطة يضعها على تماس مباشر مع مناطق حساسة كمدينة دنقلا، ويمنحها منفذاً لوجستياً لمزيد من الإمدادات من الأراضي الليبية.
تصاعد الجبهات.. جنوب كردفان والفاشر في مرمى النار
بالتوازي مع تقدمها في الصحراء، كثفت قوات "الدعم السريع" هجماتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي بقيت عصية على السقوط منذ اندلاع الحرب.
الهجوم الأخير، الذي اعتُبر الـ214 منذ بدء المعارك، تصدت له القوات المشتركة الداعمة للجيش.
كما أعلن الجيش السوداني عن صدّ هجوم شرس شنّته الحركة الشعبية - شمال المتحالفة مع "الدعم" في ولاية جنوب كردفان، حيث جرت المعارك في محيط محطة الدشول بمدينة كادوقلي.
وفي تصعيد ميداني، كشف القائد الميداني في "الدعم السريع"، إدريس حسن، عن تجهيز 13 قوة متحركة جديدة، بالإضافة إلى 15 قوة يجري حشدها على الخطوط الأمامية، بهدف التوغل نحو مدن الأبيض وبابنوسة، بل وحتى تطهير الولاية الشمالية على حد تعبيره.
الأمم المتحدة: السودان يعيش "أزمة الإنسانية"
في تقريرها الأخير أمام مجلس حقوق الإنسان، وصفت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق ما يجري في السودان بأنه "أزمة الإنسانية ذاتها"، محذرة من تصاعد استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان، وارتفاع العنف الجنسي، وتحويل المساعدات الإنسانية إلى أدوات حرب، في ظل حصار متكرر للمستشفيات والمراكز الطبية.