وافقت حكومة عبدالفتاح السيسي، على السماح للقطاع الخاص ببيع الكهرباء مباشرة إلى المصانع، ما يفتح الباب أمام خصخصة غير معلنة لسوق الطاقة، ويثير تساؤلات حول أثر هذا التحول على المصانع كثيفة الاستهلاك والمستهلكين، وسط أزمة متصاعدة في إمدادات الغاز الطبيعي.
وبحسب مصدر مطلع بوزارة الكهرباء: تستهدف الحكومة إبرام عقود بيع وشراء كهرباء بقدرات تصل إلى 1.1 جيجاوات خلال العام المالي المقبل بين شركات توليد خاصة ومصانع تعمل في قطاعات صناعية استراتيجية مثل الأسمنت والأسمدة، دون أي أعباء على موازنة الوزارة.
ووفق نفس المصدر، فإن القطاع الخاص سيتحمل تكاليف استثمارية تتراوح بين مليار و1.2 مليار دولار لإنتاج هذه القدرات، خاصة من محطات الطاقة الشمسية، في وقت تسعى فيه الحكومة لتقليص عبء دعم الطاقة عن الموازنة العامة بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
خطوة بتحفيز خارجي
التحول لم يأتِ بمعزل عن الدعم الدولي، إذ تم توقيع 4 اتفاقيات شراء طاقة بين منتجين ومستهلكين من القطاع الخاص، بمساعدة فنية من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، الذي لعب دورًا رئيسيًا في تطوير الأطر التنظيمية لهذا النموذج الجديد.
أزمة الغاز... خلف الستار
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس تشهده البلاد على صعيد إمدادات الطاقة، إذ تواجه الحكومة عجزًا ملحوظًا في الغاز الطبيعي دفعها إلى خفض الإمدادات لمصانع حيوية بنسبة 50% منتصف مايو، بعد إعلان إسرائيل توقف تصدير الغاز مؤقتًا لأعمال صيانة في أحد خطوط الإمداد.
وهو ما أكده مصدر بشركة إيجاس، موضحًا أن مصر تعاقدت سريعًا على 3 شحنات غاز مسال مستورد لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، بعدما ارتفع استهلاك المحطات بنسبة تراوحت بين 7 و10% بفعل ارتفاع درجات الحرارة.
تحرير أم انسحاب؟
يرى اقتصاديون أن خطوة تحرير سوق الكهرباء تعكس محاولة حكومية للخروج من عبء دعم الطاقة بعد سنوات من الاعتماد على دعم الغاز والكهرباء للصناعة والمستهلكين. لكن هناك من يحذّر من أن هذا التحول قد يُترجم لاحقًا إلى تحرير أسعار الكهرباء بشكل كامل، بما يعرض المصانع الصغيرة والمستهلكين لضغوط مالية إضافية.
كما يخشى خبراء من أن احتكار عدد محدود من الشركات الخاصة لسوق الطاقة قد يؤدي إلى ممارسات احتكارية وارتفاع غير مبرر في الأسعار، لا سيما في ظل غياب آليات رقابية فعالة على التسعير والربحية.
وفي ظل أوضاع اقتصادية متأزمة، وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين، تبقى التحديات الاجتماعية والاقتصادية لتلك الخطوات محل جدل، خاصة أن تبعاتها قد تمس بشكل مباشر الطبقة العاملة وقطاعًا عريضًا من المصانع، التي تعاني أصلًا من ارتفاع أسعار المواد الخام والطاقة، واضطراب سلاسل التوريد.