أفادت نيويورك تايمز أن آلاف المقاتلين الأجانب الذين حاربوا إلى جانب الفصائل السورية المعارضة خلال الحرب التي استمرت نحو 14 عاماً، ينوون البقاء في البلاد والانضمام إلى الجيش السوري الجديد، على الرغم من اعتراض الولايات المتحدة وبعض السوريين.
ينظر قادة سوريا الجدد إلى هؤلاء المقاتلين كحلفاء مخلصين وقفوا إلى جانب الثورة. أما واشنطن، فترى فيهم امتدادًا لصورة جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية.
الرئيس السوري الجديد أحمد الشارة، الذي قاد سابقًا فصيل هيئة تحرير الشام، يحاول موازنة علاقاته مع هؤلاء المقاتلين الأجانب وسعيه لبناء علاقات دبلوماسية مع دول تطالب بإقصائهم أو ترحيلهم.
تستعد الحكومة السورية لإعادة بناء جيشها، وبدأت فعلاً بدمج عدد من هؤلاء المقاتلين ضمن صفوفه، رغم تحذيرات أمريكية. وامتنع وزراء الدفاع والخارجية والإعلام عن التعليق على هذه الخطوة.
في مقابلات أجرتها الصحيفة مع مقاتلين من مصر وروسيا والعراق، أعربوا عن نيتهم البقاء في سوريا، مشيرين إلى ارتباطهم العائلي بالمجتمع المحلي وخوفهم من الملاحقة في بلدانهم الأصلية. أحدهم، عبد الله أبريك من داغستان، قال: "لا يمكن للشارة أن يتخلى عنا، كنا في المقدمة والخلف وعلى يمينه."
يرى الشارة أن من قاتلوا معه يختلفون عن من التحقوا بتنظيم الدولة، رغم أن مجموعته ما زالت مصنفة أمريكيًا كمنظمة إرهابية لعلاقتها السابقة بالقاعدة.
اتهمت جماعات حقوقية بعض المقاتلين الأجانب المقربين من الحكومة الجديدة في سوريا بالضلوع في عمليات قتل طائفية استهدفت أبناء الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد.
الشارة صرّح للصحيفة في أبريل أنه يمكن التفكير في منح الجنسية لمن قاتل في صفوف الثورة ولم يشكل خطرًا على الدول الأخرى.
في الوقت نفسه، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى خروج "جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا"، دون تحديد المعنيين بدقة. لكن موقف واشنطن يبدو أكثر مرونة الآن، إذ طالب المبعوث الأمريكي توماس باراك بمزيد من "الشفافية" حول مواقع هؤلاء المقاتلين في الدولة.
إسلام شخابانوف، مقاتل من داغستان أيضًا، يرتدي ملابس أنيقة ويحمل حقيبة تحمل شعار "لويس فويتون"، عبّر عن رغبته في البقاء، وصرّح أن بعض المقاتلين يخشون من الترحيل أو التسليم.
تقدّر جهات دبلوماسية وخبراء أن عدد المقاتلين الأجانب المتبقين في سوريا يتراوح بين 3000 و5000، مع تمركز أكبر عدد من الإيغور.
بعض هؤلاء المقاتلين خدموا في مناطق متنوعة دينيًا مثل دمشق، مما أدى إلى توترات دينية. إحدى النساء العلويات، تيما عيسى، روت كيف تعرضت للتوبيخ على عدم ارتداء الحجاب من مقاتل أجنبي عند نقطة تفتيش، قبل أن يتدخل جندي سوري ويعتذر لها.
سُجلت أعمال عنف طائفية دامية في مارس، خاصة في الساحل السوري ذي الغالبية العلوية، وأشارت تقارير إلى تورط فصائل محلية ومقاتلين أجانب في تلك الأحداث.
أحد المقاتلين المصريين الذين تحدثوا للصحيفة من منزله في إدلب، أشار إلى مشاركته كقنّاص في كتيبة تتبع الجيش السوري الجديد، مؤكدًا تمسكه بالقانون السوري وخشيته على أسرته في حال عاد إلى بلده.
هؤلاء المقاتلون يشكلون جزءًا معقدًا من مشهد ما بعد الحرب في سوريا، حيث تحاول الحكومة الجديدة بناء دولة وتحديد هوية وطنية وسط توازنات إقليمية ودولية دقيقة.
https://www.nytimes.com/2025/06/08/world/middleeast/syria-foreign-fighters.html