نشرت تشاتام هاوس في 2 يونيو 2025 مقالاً لجريس كاسي، الزميلة في برنامج "بريطانيا في العالم"، تناولت فيه رؤية مراجعة الدفاع الاستراتيجية (SDR) للمملكة المتحدة، والتي تسعى إلى جعل بريطانيا قوة دفاعية مدعومة بالتكنولوجيا بحلول عام 2035، قادرة على الردع والقتال والانتصار عبر الابتكار المستمر بوتيرة زمن الحرب.

تسعى هذه الرؤية إلى إحداث تحول جذري في كيفية العثور على التكنولوجيا واقتنائها واستخدامها. وتكمن الضرورة في مواجهة الخصوم، دعم القاعدة الصناعية، وتحقيق النصر عند الحاجة.

خلفية الرؤية

تواجه المملكة المتحدة نظاماً دولياً يعاد تشكيله. تستمر الحرب في أوكرانيا، بينما يوجه التركيز الأمريكي نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ. في الوقت نفسه، تصعّد الصين إنتاج أنظمة الأسلحة المتقدمة وتجمع بين الذكاء الاصطناعي والطائرات المُسيرة والأصول البحرية لتكتيكات الإغراق والمفاجأة.

تتعرض بريطانيا لهجمات إلكترونية يومية تستهدف بنيتها التحتية واقتصادها، ما يجعل التهديدات ليست فقط قريبة بل واقعة بالفعل.

تجربة أوكرانيا أثبتت أن ساحة المعركة أصبحت ذهنية وآلية وتُحسم خلال أجزاء من الثانية. تغير مركز الابتكار الدفاعي من الشركات الكبرى إلى الشركات الناشئة السريعة الاستجابة. هذا التغير يأتي في وقت تتسارع فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي والكم والبيوتكنولوجيا.

لكن نظام الدفاع البريطاني الحالي لا يتماشى مع هذا العصر؛ تستغرق المشتريات الدفاعية أكثر من 6 سنوات في المشروعات الكبيرة، مما يؤدي إلى احتكار الشركات الضخمة واستبعاد اللاعبين الجدد، بينما تُهمل القدرات الرقمية لصالح برامج تقليدية طويلة الأمد.

محور الابتكار

وضعت المراجعة الابتكار والسرعة في صلب رؤيتها. يتطلب الردع والانتصار قدرة على الصمود فوق وتحت عتبة الحرب. لا تقتصر الحاجة على السفن والدبابات والطائرات، بل تشمل الشبكات الرقمية التي يجب أن تبقى فعالة تحت الضغط.

المفهوم الأساسي هو "السيطرة على الإيقاع"، أي أن الطرف الذي يتعلم ويتكيف بسرعة، هو الذي ينتصر.

يُطلق "النسيج الرقمي للاستهداف" لتعزيز قدرة القوات البريطانية على الإحساس واتخاذ القرار عبر جميع الميادين. هذا يقود إلى تحسين البنية الرقمية بدءاً من الحوسبة السحابية إلى الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تطوير قدرات الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية الحيوية.

تدعو المراجعة أيضاً إلى تعزيز التعاون مع حلفاء الناتو، من خلال برمجيات مفتوحة وهياكل بسيطة، وإنهاء الإفراط في المواصفات، بهدف تحقيق قابلية التشغيل المشترك بشكل تلقائي.

تنفيذ الرؤية

يتطلب تحويل الرؤية إلى واقع تغيير جذري في كيفية البحث عن القدرات واقتنائها واستخدامها. لا يكفي رفع الإنفاق الدفاعي، بل يجب أن يُنفق بذكاء. توصي المراجعة بتوسيع قاعدة الموردين عبر شراكة جديدة مع القطاع الخاص.

خصصت الحكومة 10% من ميزانية المعدات لصالح التقنيات الجديدة. هذه الخطوة تضمن تمويلاً مستداماً للاحتياجات المستقبلية. يجب أن تُمنح هذه الأموال لشركات صغيرة وناشئة أثبتت فعاليتها في الحرب الأوكرانية، وليس فقط للشركات العملاقة. ويُفترض أن تلعب منظمة الابتكار الدفاعي الجديدة دوراً محورياً في ذلك.

تسريع المشتريات وتغيير الثقافة

تدعو المراجعة إلى تسريع وتيرة المشتريات عبر إصلاح شامل للأنظمة، موضحة أن الأساليب التي تنفع لحاملات الطائرات لا تصلح للبرمجيات أو الطائرات المُسيرة. يجب أن تستغرق هذه المشتريات ثلاثة أشهر فقط، وهو هدف طموح لكنه ضروري لمجاراة الخصوم الذين يطورون أنظمة جديدة خلال المدة التي تستغرقها بريطانيا لصياغة المواصفات.

تدعو الوثيقة إلى تطوير البنية الرقمية: سحابة آمنة، شبكات موثوقة، وبنية بيانات متكاملة، لتكون جميعها أدوات فعالة تعزز الذكاء الاصطناعي والطائرات المُسيرة. توصي المراجعة بتأسيس "قوة المقاتلين الرقميين" ونشرها ميدانياً، إلى جانب تدريب شامل للأفراد على المهارات الرقمية.

جذب الاستثمار وتطوير القطاع

المرحلتان القادمتان ستكونان حاسمتين لإثبات وجود سوق حقيقية لتكنولوجيا الدفاع في بريطانيا. إذا توفرت العقود، ستتدفق الاستثمارات، وتزدهر الشركات، وتُخلق وظائف عالية الجودة. وإن غابت العقود، ستبحث تلك الشركات عن أسواق بديلة.

تتطلب المرحلة المقبلة تغييرات في القواعد والإجراءات وثقافة العمل داخل وزارة الدفاع. قد يراها البعض صادمة، لكن الكثيرين ممن شاركوا في المراجعة رأوا فيها خطوة تحررية وضرورية تواكب روح العصر.

وفي النهاية، يجب على البرلمان والمجتمع والإعلام تقبّل أن فشل التقنية في تقديم عائد لعشر سنوات أو تقادمها السريع لا يعني إخفاقاً، بل يعكس واقعاً جديداً يتسم بسرعة التطور التكنولوجي، وخاصة في الذكاء الاصطناعي.
https://www.chathamhouse.org/2025/06/i-was-part-team-behind-uk-strategic-defence-review-here-what-shaped-our-thinking