زلازل مصر وقلق المصريين وطناش الحكومة
السبت 7 يونيو 2025 05:00 م
الأخيرة، شعر سكان عدد من المحافظات المصرية بهزات أرضية مفاجئة، تفاوتت في قوتها وشدتها، ووقعت في أوقات متأخرة من الليل، ما أثار حالة من القلق والتوجس بين المواطنين.
ما سر تكرار الهزات الأرضية في مصر؟
هذه الزلازل المتكررة، التي لم تُسجل أضرارًا جسيمة لكنها أحدثت أثراً نفسياً، تعيد إلى الأذهان الذاكرة الأليمة لزلزال أكتوبر 1992، الذي ما زالت تداعياته محفورة في وجدان المصريين.
شملت هذه الهزات الأخيرة محافظات متفرقة، ما فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات متكررة بشأن أسباب تكرارها في هذا التوقيت، ومدى ارتباطها بنشاط زلزالي متصاعد في المنطقة أو بتغيرات جيولوجية غير مرصودة حتى الآن.
فما طبيعة هذه الهزات؟
آخر تلك الهزّات المُبلغ عنها كانت الهزّة التي شعر بها المصريون، في القاهرة الكبرى (القاهرة وضواحيها) بشكل خاص، في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء الثالث من مايو/ آيار، والتي تبين أن مركزها تركيا، فقد سجلت محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل والتابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزقية هزة أرضية على بعد 593 كيلومتر شمال مطروح.
ووفق المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل، فإن زلزالا بقوة 6.2 درجة هز جزر دوديكانيسا اليونانية، وأضاف أن مركزه كان على عمق 68 كيلومترا.
بداية هذه السلسلة من الهزّات المثيرة للجدل كانت في صباح 14 مايو 2025، وقد سجلت محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل هزة أرضية على بعد 421 كيلومتر شمال مدينة مرسى مطروح (غرب البلاد)، ناتجة عن نشاط زلزالي في جنوب جزيرة كريت.
ورغم شعور الكثير من المصريين بهزات متتالية، إلا أن "المسافة بين مركز الزلزال وأقرب مدينة مصرية هي مسافة آمنة بشكل كافي، ولا تستدعي القلق"، طبقاً لتصريحات رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، الدكتور شريف الهادي، والذي ذكر أنه لم يتم الإبلاغ عن أي خسائر أو أضرار في الأرواح والممتلكات.
وفي صباح 22 مايو، سُجلت هزة جديدة بقوة 6.24 درجة على مقياس ريختر في نفس النطاق الجغرافي، وتحديدًا في جزيرة كريت، على بعد 499 كيلومتر شمال مرسى مطروح.
لماذا تحدث في فترات زمنية متقاربة؟
وبحسب الهادي، في بيان عبر الصحفة الرسمية للمعهد في اليوم نفسه، فإنه تم تم تسجيل حوالي 15 تابع لـ ز"لزال كريت". لكن قوتها أقل من 3.5 ريختر ولم يشعر بهم أحد.
والتوابع الزلزالية، بحسب المختصين، هي هزات أضعف تحدث بعد الزلزال الرئيسي، وتكون نتيجة تفريغ الطاقة المتبقية في القشرة الأرضية. وهي مفيدة للعلماء لفهم طبيعة الفالق الزلزالي وتقدير فرص حدوث زلازل لاحقة.
ورغم أن الزلزالين المسجلين في مايو وقعا في منطقة واحدة نشطة جيولوجياً، فإن العلماء يؤكدون أنهما حدثان منفصلان وقعا ضمن القوس الهيليني النشط، حيث تنزلق الصفائح التكتونية الإفريقية تحت الأوروبية. ولا يمكن حتى الآن التنبؤ بموعد حدوث زلازل مستقبلية، لكن المتابعة الدقيقة للبيانات الزلزالية تساعد في رفع درجة الجاهزية وتقليل المخاطر.
ومع الهزّة الجديدة في الثالث من يونيو، تعززت تساؤلات المصريين حول ما إذا كانوا أمام نمط متكرر ينذر بتحولات جيولوجية مقلقة؟ أم أن ما يحدث هو مجرد نشاط طبيعي داخل نطاقه المتوقع؟
هل هناك بالفعل ما يدعو للقلق
بحسب المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، في بيان على صفحته في الثالث من يونيو، فإن "حدوث الزلازل ظاهرة طبيعية.. ومصر لم تدخل حزام الزلازل"، مشيراً إلى أن "مركز الزلزال الأخير هي دولة تركيا الواقعه في منطقة نشطه زلزاليا".
وتُصنَّف منطقة شرق البحر المتوسط كواحدة من البؤر النشطة زلزاليًا على مستوى العالم، نظرًا لتقاطع الصفائح التكتونية فيها، لا سيما بين الصفيحتين الإفريقية والأوروبية. وتشهد هذه المنطقة بشكل دوري هزات أرضية تتراوح في قوتها من متوسطة إلى قوية، وقد يقتصر أثر بعضها على شعور السكان بها فقط، في حين تتسبب أخرى بأضرار مادية متفاوتة، خصوصًا في المناطق القريبة من مراكز الزلازل أو ذات التربة الهشة.
تُعيد الهزات الأخيرة ل لأذهان المصريين ذكرى زلزال 1992، والذي يُعد أحد أقوى الزلازل التي ضربت مصر في العصر الحديث، إذ بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، وكان مركزه جنوب غربي القاهرة بالقرب من دهشور.
ورغم أن قوته لم تكن مرتفعة بمعايير الزلازل العالمية، فإن قربه من الكتلة السكنية وضعف جودة العديد من المباني في ذلك الوقت أدّيا إلى آثار كارثية. وأسفر الزلزال عن وفاة نحو 545 شخصًا، وإصابة أكثر من 6500 آخرين، وتدمير آلاف المنازل، خصوصًا في أحياء العشوائيات والمناطق الشعبية. وقد شكّل الزلزال صدمة نفسية واجتماعية عميقة، ولا يزال حاضرًا في ذاكرة المصريين باعتباره الحدث الزلزالي الأشد تأثيرًا في البلاد خلال القرن العشرين.