تشير الدراسات إلى أن ظاهرة الغش في مصر أصبحت متفشية بشكل كبير بين الطلاب في مختلف المراحل التعليمية، حيث أظهرت دراسة أجريت على 24,000 طالب في 70 مدرسة ثانوية أن 95% منهم شاركوا في شكل من أشكال الغش، سواء في الامتحانات أو سرقة الواجبات المنزلية أو السرقة الأدبية.

كما أن نسب الغش في الجامعات لا تقل عنها، حيث يعترف 70% من الطلاب بالغش في الكلي، هذه الأرقام تعكس تفشي الظاهرة بشكل واسع ومستمر، مما يجعلها مشكلة اجتماعية وتعليمية خطيرة.

باتت ظاهرة الغش في الامتحانات سمة شبه دائمة في المشهد التعليمي المصري، خاصة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم عقب انقلاب الثالث من يوليو 2013.

خلال السنوات الماضية، انتشرت تسريبات الامتحانات على نطاق واسع، لدرجة أن وزارة التربية والتعليم أصبحت تتعامل مع “شاومينج” وصفحات الغش الإلكترونية باعتبارها قوة لا يمكن كبحها.

في عام 2022، على سبيل المثال، تم تسريب امتحانات الثانوية العامة رغم وعود الوزارة المتكررة بإجراءات صارمة، وهو ما دفع وزير التعليم وقتها طارق شوقي للاعتراف أن “الوزارة لا تملك السيطرة الكاملة على مراكز الامتحانات”، في تصريح أثار دهشة الشارع المصري، ومع تكرار الظاهرة كل عام، يُطرح التساؤل: هل الغش بات عرضًا أم نتيجة لانهيار أعمق؟

الأسباب ولالانعكاسات

تعود أسباب انتشار الغش إلى عوامل متعددة، منها تراجع قيمة التعليم وفقدان الشغف به، حيث يرى كثير من الطلاب أن الهدف الأساسي هو الانتقال من مرحلة إلى أخرى دون بذل جهد حقيقي، مما يجعل الغش وسيلة سهلة لضمان النجاح.

كما أن المناهج الدراسية في مصر لا تثير اهتمام الطلاب ولا تلبي احتياجاتهم العملية أو طموحاتهم المستقبلية، مما يزيد من إحساسهم بالإحباط واللامبالاة تجاه الدراسة.

إضافة إلى ذلك، هناك تهاون من بعض المراقبين في اللجان، وتراخي وزارة التربية والتعليم في التصدي لهذه الظاهرة بشكل حازم، مما ساهم في ترسيخ ثقافة الغش في المجتمع التعليمي.

انهيار المنظومة التعليمية في مصر

شهد التعليم في مصر تدهوراً ملحوظاً منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، حيث تراجع ترتيب مصر في المؤشرات الدولية للتعليم إلى المرتبة 139 من أصل 140 دولة.

كما انخفضت ميزانيات التعليم بنسبة لا تقل عن 35% خلال تسع سنوات في عهد السيسي، مما أثر سلباً على جودة التعليم.

النظام الانقلابي عمد إلى محو الهوية الإسلامية والوطنية من المناهج، واستبدالها بمحتوى يروج لمشاريع غربية وصهيونية، إضافة إلى تسييس التعليم وتشويه رموز ثورة يناير.

هذه السياسات أدت إلى إنتاج خريجين غير مؤهلين لسوق العمل، وزيادة معدلات البطالة بين الشباب إلى حوالي 40%.

دعم الصحة في الموازنة

في ظل هذا الانهيار التعليمي، لم تحظى الصحة أيضاً بالدعم الكافي في موازنة الدولة، حيث تم توجيه الإنفاق بشكل كبير إلى الأمن السياسي وقصور الرئاسة والطائرات الرئاسية، على حساب مؤسسات التعليم والصحة.

هذا التوجه يعكس أولويات حكومة الانقلاب التي تفضل تعزيز قبضتها الأمنية والسياسية بدلاً من الاستثمار في بناء الإنسان المصري من خلال التعليم والصحة، مما يزيد من معاناة المواطنين ويعمق الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

دور حكومة الانقلاب في انتشار ظاهرة الغش

حكومة السيسي الانقلابيّة، تتحمل مسؤولية مباشرة في تفشي ظاهرة الغش، بسبب سياساتها التي أدت إلى تدهور التعليم وتراجع الرقابة الفعالة على الامتحانات.

رغم محاولات وزارة التربية والتعليم لمكافحة الغش الإلكتروني عبر إغلاق مجموعات الغش على مواقع التواصل الاجتماعي وضبط القضايا المتعلقة ببيع معدات الغش، إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لوقف انتشار الظاهرة.

كما أن التهاون في تطبيق القوانين والتعامل مع حالات الغش، بالإضافة إلى ضعف التوعية المجتمعية، ساهم في استمرار هذه المشكلة.
وتظل ظاهرة الغش في مصر انعكاساً حقيقياً لأزمة أعمق في منظومة التعليم والصحة، تتجذر في سياسات حكومة الانقلاب العسكري التي تفضل السيطرة الأمنية على التنمية البشرية.