تتغير معايير المنع والتضييق على الحجاج في موسم 1446هـ / 2025م بناءً على الظروف السياسية والدولية المحيطة، فالتشديد في تطبيق قوانين الحج وفرض القيود على دخول الحجاج لا يقتصر فقط على أسباب دينية أو صحية، بل يتأثر بشكل واضح بالمواقف السياسية والأمنية التي تمر بها المملكة السعودية وعلاقاتها مع الدول الأخرى.

على سبيل المثال، يُمنع أشخاص منتمون إلى جماعات سياسية معارضة أو تعتبرها "إرهابية" من وجهة نظر السعودية من أداء الحج، مثل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو رموز المعارضة في دول مثل مصر والكويت والبحرين، وذلك لأسباب تتعلق بالسيطرة السياسية والأمنية.

كما أن الحصار أو النزاعات في مناطق مثل غزة واليمن وسوريا تؤدي إلى منع أو تقليص حصص الحجاج من هذه المناطق، ما يعكس تأثير الصراعات الإقليمية على حرية أداء الحج.

علاوة على ذلك، فإن التوترات الدولية والتحولات في النظام الدولي تؤثر على سياسات الدول الكبرى ومنها السعودية في فرض معايير جديدة أو مشددة على الحجاج، حيث تحرص على حماية مصالحها السياسية والأمنية ضمن سياق النظام الدولي المتقلب.

هذه المعايير قد تتغير تبعاً لتطورات العلاقات الدبلوماسية، أو المخاوف الأمنية، أو حتى الضغوط الدولية، مما يجعل الحج عرضة لتقلبات سياسية أكثر من كونه مناسبة دينية فقط.

بالتالي، يمكن القول إن معايير المنع والتضييق على الحجاج ليست ثابتة، بل تتغير وتتأثر بالظروف السياسية والإقليمية والدولية، مما يزيد من تعقيد أداء هذه الشعيرة الدينية ويضع قيوداً إضافية على حقوق الحجاج.

 

أبرز الممنوعين من أداء الحج هذا العام 2025 وأسباب منعهم

تشمل قائمة الممنوعين من أداء الحج هذا العام عدة فئات وأفراد لأسباب صحية وسياسية وأمنية، وفقاً للقرارات السعودية:

  1. الفئات الصحية الممنوعة
    • الأطفال دون سن 12 عاماً، وذلك لتجنب تعريضهم لمشاق السفر ومناسك الحج التي قد تكون شاقة عليهم.
    • مرضى الفشل الكلوي والتليف الرئوي، لأنهم يحتاجون إلى عناية طبية خاصة يصعب توفيرها خلال فترة الحج.
    • أصحاب الأمراض المعدية النشطة، لمنع انتشار العدوى بين الحجاج.
  2. الممنوعون لأسباب سياسية وأمنية
    • شخصيات وأكاديميون من دول مثل الكويت ممنوعون بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية، خاصة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين أو أحزاب إسلامية أخرى التي تصنفها السعودية "إرهابية".

من أبرزهم الدكتور طارق السويدان، الذي مُنع من الحج والعمرة منذ 2013 بسبب مواقفه السياسية المناهضة للانقلاب في مصر.

كما تشمل القائمة أساتذة جامعات كويتيين معروفين بانتماءاتهم الإسلامية.

  • أفراد من أحزاب المعارضة البحرينية الشيعية ممنوعون من دخول السعودية لأداء الحج، حيث تخضع قوائم الحجاج البحرينيين لتدقيق مشترك سعودي-بحريني، مع منع رموز المعارضة المقيمين في الخارج من الدخول خوفاً من اعتقالهم.
  • جماعة الإخوان المسلمين المصرية ممنوعة من أداء الحج بسبب حملة القمع التي تعرضت لها بعد الانقلاب العسكري في مصر بدعم سعودي إماراتي، حيث يخشى قادتها المقيمون في الخارج من التغييب أو التسليم للسلطات المصرية.
  • كذلك، يمنع أفراد من حزب الأمة الإماراتي المصنف إرهابياً من دخول السعودية، خوفاً من تسليمهم للإمارات.
  1. ممنوعون لأسباب جغرافية وسياسية أخرى
    • سكان قطاع غزة ممنوعون من الحج بسبب إغلاق معبر رفح من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما يمنع خروجهم لأداء الفريضة، وهو ما اعتبرته وزارة الأوقاف في غزة انتهاكاً لحرية العبادة.
    • دول مثل اليمن وسوريا وفلسطين وليبيا وإيران تواجه قيوداً أو منعاً كاملاً لأداء الحج لأسباب سياسية وأمنية مرتبطة بالصراعات والحروب في تلك المناطق.
  2. ممنوعون لأسباب إدارية وأمنية
    • السلطات السعودية تشدد على نظام "لا حج بدون تصريح"، وتمنع دخول من يخالف أنظمة الحج أو لا يحمل التصاريح اللازمة، مع فرض غرامات وترحيل لمن يخالف القوانين.
    • كما تم منع بعض العلماء والدعاة مثل الدكتور أحمد أبي بكر جومي من أداء الحج هذا العام لأسباب لم تُعلن رسمياً لكنها مرتبطة بالمواقف السياسية أو الأمنية.

 

هل تتأثر معايير المنع بتغير السياسات الداخلية للدول

نعم، تتأثر معايير المنع والتضييق على الحجاج بشكل واضح بتغير السياسات الداخلية للدول، فالتغييرات السياسية داخل الدولة، مثل تحولات السلطة، الانقلابات، أو تغييرات في توجهات الحكومات، تؤدي إلى تعديل معايير السماح أو المنع لأداء الحج، خاصة إذا كانت هناك توترات بين الدولة السعودية والدولة المعنية أو إذا كان هناك انتماءات سياسية أو دينية للحجاج تتعارض مع سياسات المملكة.

فعلى سبيل المثال، في حالة مصر تحت حكم عبد الفتاح السيسي، الذي يُعتبر انقلابيًا من قبل معارضيه، شهدت العلاقات مع السعودية تحالفًا أمنيًا وسياسيًا أدى إلى تضييق على الحجاج المصريين المنتمين لجماعات سياسية معارضة مثل الإخوان المسلمين، حيث تم منعهم من أداء الحج لأسباب سياسية واضحة.

كذلك، في دول أخرى مثل الكويت والبحرين، تُمنع شخصيات دينية وسياسية معارضة بسبب سياسات داخلية مرتبطة بالتحالفات الإقليمية مع السعودية.

هذا التداخل بين السياسات الداخلية للدول ومعايير المنع في الحج يعكس كيف أن الحج، رغم كونه فريضة دينية، يتأثر بالتحولات السياسية، مما يؤدي إلى فرض قيود على الحجاج بناءً على خلفياتهم السياسية أو انتماءاتهم الفكرية، وليس فقط لأسباب دينية أو صحية.

بالتالي، السياسات الداخلية للدول تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد من يُسمح له بأداء الحج ومن يُمنع، ويُستخدم الحج أحيانًا كأداة ضغط سياسي أو أداة لتصفية حسابات داخلية وخارجية، مما يزيد من التضييق على الحجاج ويؤثر على حقوقهم الدينية.

 

الخلاصة..

الممنوعون من الحج هذا العام هم فئات صحية ضعيفة، وأطفال صغار، وأشخاص ممنوعون لأسباب سياسية وأمنية تتعلق بالانتماءات الحزبية أو المعارضة للنظام السعودي أو حلفائه، بالإضافة إلى سكان مناطق تعاني من الحروب أو الحصار، مما يعكس بوضوح تسييس الحج واستخدامه أداة للضغوط السياسية والأمنية.