وائل قنديل

كاتب صحافي مصري

 

هذه بطاقة تعريف مختصرة لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، الذي أطل بوجهه صهيوني صريح على شاشة "الجزيرة مباشر" بوصفه الإسرائيلي الطيب بمواجهة، أو بمكايدة، الإسرائيلي الشرير، نتنياهو .

داخليًّا، هو شخص فاسد سياسيًّا وماليًّا بنص حكم القضاء الإسرائيلي، حيث أدّى عقوبة السجن بعد إدانته بتلقّي رشوة، حيث أودع سجن معسياهو في الرملة في الأسبوع الثالث من فبراير عام 2016 تنفيذًا لقرار محكمة إسرائيلية بالسجن الفعلي ثمانية شهور، بعد ثبوت ارتكابه عدّة جرائم، تتعلق بالفساد، أبرزها قضية عرفت باسم قضية "مظاريف النقود" التي تلقّاها من رجل الأعمال اليهودي الأميركي موريس تلانسكي..

خارجيًّا، وعلى الساحة العربية، وهذا ما يهمّنا، إيهود أولمرت ليس إلا مجرم حرب، لا يختلف عن نتنياهو ويمينه الصهيوني الديني، إلا في بعض الشكليات، إذ يمكن وصفه بالقاتل الناعم، في مواجهة القاتل الفظ الوقح، ويشتمل رصيد أولمرت، بصفته رئيسًا للحكومة، في بنك الدم العربي المسفوح على أكثر من 1200 شهيد لبناني وضعف هذا الرقم من الجرحي في عدوان 2006، ناهيك عن تشريد مئات آلافٍ من الشعب اللبناني بعد تدمير عدد هائل من المساكن والجسور.

وفيما خصّ غزّة، لم يكن أولمرت أقل إجرامًا وهمجيةً من نتنياهو، حيث قتل نحو ألف وخمسائة شهيد، ربعهم تقريبًا من الأطفال في عدوان 2008، فضلًا عن ستة آلاف جريح وتدمير مئات المنازل وهدم عشرات المساجد والمدارس والمنشآت الصحية. كما يمتلك إيهود أولمرت إبّان رئاسته بلدية القدس ثم الحكومة الإسرائيلية سجلًا حافلًا بالعمل الاستيطاني، حيث بنيت عشرات آلافٍ من المساكن في المستوطنات.

باختصار، أولمرت صهيوني مخلص للعقيدة الإجرامية للاحتلال، كما أن نتنياهو يرى في نفسه "ملك الكيان الصهيوني" والمؤسّس الثاني له، وفي ممارسة الإرهاب لن تجد فروقًا كبيرة بين الشخص الذي استضافته القناة وقدمته باعتباره صوت السلام والعقل ونتنياهو وعصابة اليمين الحاكم، ففي نهاية اللقاء الذي عومل فيه بمنتهى اللطف والبهجة البادية على وجه محاوره، وبعد أن سبّ بن غفير وسموتريتش واتهمها بالإرهاب، تحدّث مثل نتنياهو بالضبط منتقدًا الحكومة القطرية بعنف، ومتهمًا إياها بمساعدة "حماس الإرهابية"، أي أنه، في نهاية المطاف، لا يقلّ إصرارًا عن نتنياهو على حتمية القضاء على المقاومة الفلسطينية، إذ لن تجد إسرائيليًا واحدًا لا يرى في كل أشكال المقاومة إرهابًا، ولن تجد أحدًا يشذ عن القاعدة الصهيونية "الفلسطيني الجيد هو في الفلسطيني الميت"، سواء كان هذا الميت قد رحل عن الدنيا إلى الدار الآخرة، أو استقرّ في رام الله جالسًا أو راقدًا على وهم أنه رئيس وأنه لديه سلطة، مثل محمود عبّاس.

في المحصلة، استضافة فضائية عربية رئيس حكومة صهيونية سابق، لا يخلو تاريخه من مجازر ضد العرب في لبنان وفلسطين، ينقلنا إلى طوْرٍ مختلفٍ من التطبيع الإعلامي، إذ لا نتحدّث هنا عن معلق أو محلل صهيوني، أو حتى دبلوماسي سابق، وهو طوْر يصبح شديد السمية والخطورة عندما يقترن بمحاولة تسويق الضيف أنه "إسرائيلي طيب ومسالم"، ثم تتبين أن جوهر عقيدته أن مقاومة الاحتلال إرهاب لابد من القضاء عليه، والخلاف مع نتنياهو يكمن فقط في أن الأخير أطال مدة الحرب/ القتل، وقتل عددًا من الفلسطينيين دفعة واحدة، ما يضع إسرائيل في موقفٍ محرجٍ أمام أصدقائها.